وداعًا ” علي محمد الجعكي “

انتقل إلى جوار ربّه الأعلى “علي محمد الجعكي” في الواحد والعشرين من أغسطس من عام ٢٠٢١.

ولمن لا يعرف من هو “علي محمد الجعكي” فهو أحد قامات القصة القصيرة في ليبيا.. ابن مدينة الخُمس، الذي لايعرفه أحد من حولي.

وجدت أمي كتابه بين مجموعة كتب، أحضرتها لي كطفل يتيم وجد على باب جامع. قالت لي: أمينة، احضرت لك كتب جديدة.. أمينة، هل تقرأي الكتب التي احضرها لك؟.

لم أكن أقرأ الكتب نظرا لإنشغالي، ولكني التقطت “سر ماجرى للجد الكبير” لصغر حجمه وسهولة اخفاءه بين أوراقي الدراسية.. وبدأت قراءته في فترة انشغالي بالدراسة.

عام ٢٠١٧، لازلت أذكر أول ملامح الدهشة التي ارتسمت على وجهي من أول صفحة وأول سطر. وما حفرته قراءتي لحالة تلبس داخل رأسي.

أنا، تحدثت عن حالة تلبّس كثيرًا، وأخبرت الجميع بأنها أفضل قصة على الاطلاق، لكن حقيقة.. ثمة قصّة تسكن ببراحٍ في قلبي، قصةٌ.. ممم أقول عنها بأنها قصة شجاعة.. هذا الكاتب شجاع.. من هو؟ كيف لم أسمع عنه مسبقًا! كم خجلت من نفسي.. ولما أتذكر سيلفيا بلاث في كل مرة أقرأ فيها قصته “الشاطىء الأخر” ؟.

إنه الموت، قصة كاملة عن الموت.. يصور فيها الجعكي مشهد موته أو موت القاص.. لا أعرف تحديدا. ولكنّه مشهد دقيق.. مفصّل، أحاول الهروب منه وعدم التحدث عنه، كلما سألني أحدهم عن قصتي المفضلة في الكتاب.. أو كلما سألت نفسي عن قصتي المفضلة في الكتاب. فلا أحد يسألك عن قصتك المفضلة ل علي محمد الجعكي.

قرأتُ خبر موته صباحًا.. في تعليق على منشور لي على الفيس بوك، أبحث فيه عن مجموعته “أموت كل يوم”. لم أجدها حتى الآن.

“يا لهذا الزمن الرديء المهلك!”

نص من قصّة “الشاطيء الأخر” المشهد الأخير:

” ضوضاء محببة تعم الشاطىء.. ”

رجل شجاع نبيل، وصف حالة الموت بدقة متناهية.. لا ترى الموت في كثير من الكتب.. أقصد مراحل الموت.. أو مايشعر به الميت. مالذي شعر به الكاتب أثناء كتابته للقصة؟.. انه أمر خانق حتمًا.

قرأتُ الكثير من الكتب، لكن لم يمر وصف مراحل لحظات الموت الا عند سيلفيا بلاث “الناقوس الزجاجي” عندما دونت لحظات انتحار البطلة. والإن، الجعكي.. في الشاطىء الأخر. كان يعرف بأن لقاءه مع جدته يعني موته.. لكنّه فضّل ذكر ذلك بتفاصيل دقيقة.

يا له من رجل شجاع. لم يهرب من الموت.

رحم الله علي محمد الجعكي رحمة واسعة، وجزاه الله خيرًا عن كل حرف كتبه وأمتعنا به. وليخلّد أسمه كأحد أفضل القصّاص الليبيين وإن لم يكن أفضلهم جميعا.

قراءة: لا أحد يملك الوقت في بلاد العجائب.

هل من الممكن أن يموت شخص بسبب نقص حاد في الكلمات مثلا؟ أو بسبب الإستخدام المفرط بشكل سيء لها؟ أن يختنق مثلا، أثناء غضبه وصراخه المستمر، أو أن يولد بمخزون محدد لعدد الكلمات المستهلكة.. مثلا. كل هذه أمثلة وفرضيات مقلقة.

آليس في بلاد العجائب:

تمثّل الفضول المباغت في شكل أرنب مرتديا بزة وممسكا ساعة، حرّك الصغيرة التي تتسائل وتفكر بشكل مستمر، إلى أن أسقطها في حفرة.

هُوّة، كانت تسقط أكثر فأكثر.. فأكثر.

لم تُمانع “آليس” سقوطها داخل جُحر الأرنب، بل على العكس، إستمتعت بوقتها ولم تكن على عجلة من أمرها. على عكس بلاد العجائب التي وصلت لها، فالجميع هناك لا يملك الوقت، بل الوقت يملكهم، بالشكل الذي يجعلك تخاف من إنسيابه بين أصاعبك وألا تنتبه له. الأمر مخيف حقا.

أنت الآن في بلاد العجائب، تركض مع الصغيرة، تخاف من المجهول “الوقت” وتبحث عن لا شيء.. لكنّه الفضول.

بدءا من الأرنب الذي كان على إستعجال ليلحق بالموعد مع الدوقة، مرورا بالحيوانات التي إلتقتها في طريقها والتوأم.. وصانع القبعات. أوه، صانع القبعات.. وحتى الملكة.

مشت آليس، حتى وصلت إلى طاولة صانع القبعات بأعجوبة، لا تستغرب هذا، فاليوم كان كله مجرد أعجوبة. كانت الطاولة كبيرة، وتحيط بها كراسي كثيرة، لكنّ ولأن الجالسين عليها لم يكن لديهم الوقت لإستقبال ضيوف جدد، حاولوا إبعاد “آليس” قدر الإمكان عنها، لكنّ الفضول، مُحركها، لم يجعلها تغادر المكان حتى تجلس على الطاولة وتشرب الشاي معهم.

في الحقيقة، حاولت… ولكنّ الفوضى التي تعمّ المكان عكّرت عليها صفو شُرب الشاي.

على الطاولة حلقة مستمرة من شرب الشاي. فالساعة تشير دوما إلى السادسة، موعد شرب الشاي كما قال لها صانع القبعات. مضت آليس في طريقها بعد لقاءها الغريب معهم، لكّن الحفلة إستمرت من خلفها.

ساورهم الفضول قليلا لمعرفة قصة الصغيرة، لكنّ الوقت يملكهم أيضًا، ولم يسعفهم لمعرفة ما وراءها.

يحجز الوقت صانع القبعات، وأرنب مارس الوحشي ومعهم فأرهم الصغير على الطاولة، في حلقة مستمرة طوال الوقت تتضمن تمرير أكواب الشاي والخبز المحمص وبرطمانات المربى، مشيرًا دوما للساعة السادسة.

أيّ عقابٍ هذا؟ أن تجلس مكانك، وترى الجميع يمضون في طريقهم من حولك، وأنت جالس بلا حراك.

لم تَكن الملكة التي مرّت بها آليس نهاية رحلتها تملك الوقت أيضا لمحاكمة شعبها، بل كانت تعاقبهم جميعا بعقاب واحد، “فليقطع رأسه” تقول، من دون حتى أن تلتفت أو تُعيد التفكير مرة ثانية.

إلتقت آليس بالملكة أثناء بحثها عن طريق ليعيدها لما كانت عليه مسبقا، لكن.. من هي آليس حقا؟ لم يُعجب الملكة بحث آليس المتواصل عن طريقها، ولا عن فضولها وأسئلتها المتكررة، عرضتها على المحكمة لأول مرة، لكنّ الملكة كانت ترى في ذلك إضاعة للوقت

“فليقطع رأسها”، أيضا.. بكل سهولة.

سقطت آليس في جحر الأرنب الذي تمثل في شكل كرة بيضاء من الفضول.. ونحن الآن ساقطون داخل جُحر الأرنب. ومتواجدون كما آليس في بلاد العجائب، لكننا ظللنا الطريق. أو لم نستيقظ من دهشتنا حتى الآن.

وبالنظر إلى قصة آليس في بلاد العجائب الآن، وبعد مضي عدة أعوام، فإن البعض لازال يظن بأن آليس هي قصة الصغار فقط، لكنها قصتنا جميعًا إنها نحن .. ولكل منّا بلاد العجائب الخاصة به. إنها مجنونة، ومُلهمة وحزينة.
” لا أستطيع العودة إلى البارحة، فقد كنت شخصًا مختلفًا وقتها. “

وفي سقوطنا المختلف أشكاله عبرة.

“عِبرة..” كلمة مبتذلة، لا أملك مرادفها حتى الآن.. بداية نقص حاد في الكلمات.

//

موسيقى: كل الوداعات ليست مفاجئة:


https://soundcloud.app.goo.gl/KVpoe

قراءة: ربيع راشيل كارسون الصامت.

في العام 1962، نشرت عالمة الأحياء البحرية والكاتبة العلمية، راشيل كارسون كتابًا بعنوان “الربيع الصامت”، تحدثت فيه عن سوء إستخدام مبيدات الآفات الضّارة، وماخلفته من أضرار بيئية على الكائنات الحية، ومايمكن أيضا أن تخلفه -إذا تمادى جشع العلم في إنتاج هذه المواد السامة والقاتلة- للعالم مستقبلًا.
ولدت راشيل لويز كارسون في السابع والعشرين من أيار 1907 في ولاية بنسلفانيا-أمريكا- وتوفيت في الرابع عشر من نيسان 1964 ماريلاند-أمريكا-. عُرفت بكتاباتها حول التلوث البيئي، وعن التاريخ الطبيعي للبحر. جذبت إهتمام العديد إليها، فقد درست في جامعة بنسلفانيا للنساء بهدف دراسة الأدب لتُصبح كاتبة كما توقعها الجميع، لكنها ما إن لبثت قليلًا حتى وقعت في حب علم الأحياء، الذي غيّرت مجال تخصصها من أجله. وهبت نفسها لعلم الأحياء البحرية، وقد نشرت العديد من الكتب التي تتحدث عنه. لاقت كتبها إستحسانًا كبيرًا نظرا للمحتوى بداخلها، واللغة الشاعرية المستخدمة.
راشيل كارسون المحبة للطبيعة والعلوم، نشرت كتابها “الربيع الصامت” كرد على ما أحدثه سوء استخدام مبيدات الآفات على الكائنات الحية، والتي كانت سببا رئيسيا في تسمم وقتل العديد من الحيوانات والنباتات في أمريكا. لكنّ الضجة التي أحدثها الكتاب، جعلت منه محطّ إهتمام، وجدل واسع في كثير من الدول.. ذاع صيته، محدثا بلبلة تسببت في عرض راشيل كارسون أمام برلمان الولايات المتحدة، والإدلاء بشهادتها أمام مجلس الشيوخ، حتى أنه تم تشكيل لجنة تحقيق لما يحتويه الكتاب، والتحقيق وراء النتائج التي تخلفها المبيدات المستخدمة. كارسون كما وقفت في صف الطبيعة، وقفت أيضا في صف كتابها حتى النهاية.

“الإنسان جزء من الطبيعة، وحربه ضدها.. هي حتمًا حربه ضدّ نفسه”

كثر إستخدام المبيدات إبان الحرب العالمية الثانية، فترة إزدهار علوم الكيمياء والسموم. أستخدم تحديدا مبيد الـ DDT أولا كطارد للباعوض خلال أربعينيات القرن الماضي، ثمّ بعد ذلك أستخدم كبخاخ، وكطلاء على الجدران. إنتشر الـ DDT بشكل واسع قبل حتى أن يتم إختبار تأثيراته الضارة على البيئة والكائنات الحية، كان إستخدامه الواسع ناتجا من فعاليته السريعة، و رخص قيمته، وبدون التفكير في تأثيراته السلبية على المدى الطويل. فالـDDT يصعب تكسيره بسهولة، ولا يذوب في الماء، ولكن يذوب في الدهون ويتراكم في الأنسجة الدهنية للكائنات الحية، مما قد يؤثر بشكل كبير على أجيالها القادمة وكفاءة إنتاجيتها.
استخدم الإنسان مبيدات الآفات ليحل مشكلته، لكنه نسي بأنه تسبب في مشكلة أخرى زادت عن حدها منذ ستينيات القرن الماضي، ولازالت تكبر شيئًا فشيئًا حتى يومنا هذا، وهي ماتعرف بالمقاومة، فقد ردت الطبيعة على الإنسان بمقاومته أشد المقاومة على الحرب التي شنّها عليها، فقد قامت النباتات بعمل تغييرات جينية لحماية نفسها ضد الخطر المنكب عليها من الإنسان، وقامت الحشرات بعمل الأمر نفسه، الأمر الذي يستدعي تسليط الضوء عليها في حقل الصحة العامة. فعندما تصبح الحشرات الناقلة للأمراض مثلا، مقاومة. يزيد ذلك معدل الإمراضية والوفيات في المجتمعات وتزيد بجانبها معدلات إنتشار الأمراض والأوبئة.
ينسى الإنسان في خضم معركته مع الآفات وانغماسه في صنع مواد فتاكة، أن يتذكر نفسه. فلإستخدام هذه المواد على المدى القصير أو الطويل تأثير مباشر أو غير مباشر على الإنسان، كما أنها من الممكن جدا إذا ما تم استخدامها بطريقة عشوائية وإهمال، أن تؤثر مباشرة على الجهاز العصبي مثلا، أو التنفسي مسببة إختناقا في التنفس، أو آلاما في المعدة، أو حروقا على الجلد ولا نستبعد الوفاة أيضا. كما أنها تعتبرًا سببا رئيسيا مسببًا للسرطان. فالإستهتار التام أثناء إستخدام هذه المواد لا يخلف آثارا سلبية فقط على الطبيعة، بل أيضا على من صنع هذا السلاح بيديه، مؤديا بحياته للهلاك، ومخلخلا التوازن الطبيعي.

“كتب الإنسان في تقدمه نحو هدفه المعلن -وهو قهر الطبيعة- سجلا محزنا من التخريب. التخريب الموجه ليس فقط ضد الأرض التي يسكنها، وإنما أيضا ضدّ الكائنات الحية التي تشاركه فيها” فقد كانت إحدى أسباب كتابة “الربيع الصامت” هو أن صديقة راشيل كارسون أرسلت لها برسالة، تذكر فيها وبمعنى أنها رأت طائرة تحوم فوق المنزل منذ عدة أيام، تقوم برش احدى المبيدات، ثم في اليوم التالي لاحظت بأن الكائنات الحية في تلك المنطقة بدأت تنفق واحد تلو الأخرى. كثرت الشكوى من نفوق الكائنات الحية، حتى أن الطيور إختفت في بعض المناطق، وسكنها الهدوء.. الهدوء المخيف. ثم ما إن كتبت كتابها ونشرته حتى لقيت ردًا صاعقا من المنظمات الزراعية، ونظمت حملات منهاضة للكتاب. بعد عدة سنوات من نشرها لكتاب الربيع الصامت، تحديدًا في العام 1972، تم حضر منع استعمال الـ DDT من أمريكا. لكنّ كارسون لم تشهد هذا النجاح، إلا أن الإنسان يموت، لكن الفكرة تبقى، مُخلدة إسم صاحبها.

مالذي يمكن عمله للتقليل من حدة استخدام مبيدات الآفات، والحد من ضررها قدر الإمكان:
يعيش الإنسان الحالي عصر المقاومة، فبالنسبة للمبيدات المستخدمة عشوائيا، تقوم الكائنات الناجية من هذه المواد السامة، أو التي تعرضت لكمية ضئيلة لها، بتعديل نفسها جينيًا إستعدادًا لمقاومة المبيد مرة أخرى، وتقوم أيضا بتمرير جيناتها للأجيال التالية. وهكذا كلما نجت فئة ما، قامت بتعديل نفسها جينيًا وإمراره للأجيال التالية. لذلك، وبحسب منظمة حماية البيئة EPA، يجب إتباع كل التعليمات والمتطلبات المكتوبة على العلبة، أو في الأوراق الإرشادية المصاحبة للمادة. التفتيش المستمر على حالة حاويات المواد أو العلب، للحد من حدوث أي تسرب أو أي شيء من هذا القبيل، قبل أن يسبب كارثة ما.
خلط المواد، وغسل الأدوات بعيدا عن أماكن الصرف الصحي.. ومحاولة إبعاد مبيدات الآفات قدر الإمكان عن أي مصدر مياه. إستخدام المبيدات فقط عند الحاجة، ومحاولة ضبط الجرعات المستخدمة أثناء القيام بعملية الرش، أو الوضع.. لحماية الحشرات النافعة مثلا، أوالحيوانات الموجودة في البيئة وغيرها من الكائنات الغير مستهدفة. تغطية المكان المراد إستخدامه بالكامل، وإرتداء الملابس الواقية اللازمة أثناء استخدام المبيدات.
أخيرا، من عدة علاجات مستخدمة لمكافحة الآفات الضارة بشتى أنواعها، يعتبر العلاج الكيميائي المستخدم أخيرا، إلا أن الانسان يأبى إلا أن يتجاهل كل الحلول الأخرى -الطبيعي، الحيوي، والميكانيكي- ويقع إختياره الأول على الكيميائي، متجاهلا مضاره السميّة، وقدرة الكائنات الحية على تكوين جينات مقاومة لهذه المبيدات. مما يتسبب في صنع مشكلة أكبر تتزايد كل يوم.

-المصادر:
1- https://www.britannica.com/biography/Rachel-Carson
2- https://www.epa.gov/safepestcontrol/tips-reducing-pesticide-impacts-wildlife
3- ربيع صامت – راشيل كارسون.

قراءة: الجعكي يحيا بالكلمة.

علي محمد الجعكي

بالنظر إلى القصة القصيرة، يظن المرء بالتأمل فيها لفترات طويلة، أو حتى أثناء قراءته لها، بأن كتابتها لأمر سهل للغاية، ولكنه تحديّ حقيقي لمن لا يريد إغفال ذكر التفاصيل. توضع المقدمة ومن ثم الحدث ومن بعد ذلك النهاية التي لطالما أتت فجأة وعلى حين غرّة من القارىء.

تُحشى الأحداث في سور ضيّق، وتسرد بعدد كلمات وعدد صفحات معينة، فالقصة القصيرة –وإن طال الحديث عنها- تتمتع بمقومات تجعلها مختلفة عن باقيها من الكتابات الأخرى، لها جمهورها الخاص بها، وكتّابها المتخصصين؛ نظرا لصعوبتها.


وإن نجح القّاص في سرد حكايته فعلا، فإن النتيجة تكون بإعادة القاريء قراءته لها مرات معدودة ليفهم مالذي حدث بالتحديد أثناء قراءته الأولى. ولتجيب عن أحد أهم الأسئلة “كيف؟” فالقصة القصيرة لا تقرأ على عجل، هذا العالم المتخيل الذي ينشأ فجأة بقراءتك لأسطر معدودة قد يلازمك طوال حياتك.


ولتعاد قراءة القصة مرات معدودة، وليذكر إسمها بذكر إسمك، يجب أن تمتلك المفاتيح اللازمة التي تساعدك على الكتابة.. أن تمتلك مقومات اللغة، والكلمات، وحس المغامرة.


في الأدب الليبي، توجد الكثير من الكتب التي تسرد القصص بطرق وأساليب مختلفة، المملة منها وكأنها واجب تعبير مدرسي، ومنها المثير للإهتمام، الراقص، الشيّق، الذي يلبسك كغطاء لتدفئتك من المطر الذي يوشك على الهطول أثناء القراءة.


ففي مجموعته القصصية “سر ماجرى للجد الكبير” وتحديدا في قصته حالة تلبّس المنسردة في صفحات معدودة، يستحضر الآديب والقاص الليبي “علي محمد الجعكي” جو الحافلة العامة في طقس صيفي حار جدا، على الرغم من أنه لم يذكر ذلك، لكن ضيق المكان وضيق الكرسي والجار الجالس على قلبه يضعانك في جو صيفي حار عند درجة حرارة 38 س تقريبًا، تجد نفسك فجأة جالس من الخلف، مراقبًا حركة الجميع، تخرج من الحافلة بشق الأنفس، مبلل ومغطى بقاذوراتك وبقاذورات من كانو معك.

يدا بيد يمر الجعكي مع القاريء على صفحات كتابه، محدثا إيّاه عن ماتحمله النفس من أثقال على كتفيها، وحالات شخصياته النفسية المتفاوتة، وعن صراعاتهم اليومية، وسذاجاتهم. و مايميز كتابات الجعكي هو إستخدامه للسرد بطريقة تصويرية أقرب إلى الشعر، مايجعله واحد من أفضل كتّاب القصص القصيرة على مستوى البلاد، هذا لأنه لم يستهن أبدا بما يكتب في عدة صفحات أو حتى أسطر، بل آثر على نفسه التغنّي بالكلمات وعرض صوره البليغة المتمثلة في الكلمات المتلاصقة بحرفيّة تامة، حتى تصبح أقرب إلى الحقيقة أثناء قراءتها.


فلا يمكن للقارىء العادي أن يشعر بأنه أيضا جالس في الحافلة، مخانقا بالروائح النفّاذة، أو أن يرى جبال أكاكاوس متجسدة أمامه أو حتى أن يشهد موته غريقا، إلا إذا كانت لديه ذائقة الكلمة والصورة.


حالة تلبس “قصة قصيرة” علي محمد الجعكي:


(أيها الجسدُ المُتبّل بالآلم.. أيها المطر الأرجواني الوحشيّ.. تهطلُ غيماتك السّود في الأحراش اليابسة، في غيابةِ النفس تنمو أكاليلُ الشّوك. يترعرعُ الألم. يتفتّقُ برعم الوسواس والتحوّل. الخجلُ يطفو كلوحٍ زنخ. يتشكّل كورمٍ مُخيف. ينمو بسرعةٍ في نفسي […]..)


علي محمد الجعكي، مواليد مدينة الخمس 1952 -بحسب قناة الخمس الحرة على الفيسبوك- ونظرا لفقر المعلومات عن هذا الكاتب الرائع، فقد قرأت أيضا، بأنه عمل كأحد موظفي القسم الثقافي بمكتب النشاط المدرسي بمراقبة التعليم “بلدية الخمس” وأحيل على التقاعد عام 2016 بعد بلوغه السن القانونية للتقاعد، عمل معلمًا ومن ثم إنتقل للعمل بمكتب النشاط المدرسي بالمنطقة. ويعتبر عضو بارز برابطة كبار الأدباء الليبين، شارك في العديد من الصحف والمجلات الليبية، ومن أعماله في القصص القصيرة “سر ماجرى للجد الأكبر” “زهرة الليل” “أموت كل يوم” والتي ترجمت للغة الإنجليزية وتدرس الآن بجامعة كامبريدج بقسم الدراسات الشرقية، له أيضا رواية جاهزة للطباعة تحت عنوان “ابن الغبار وحياة أخرى”.


إن الجعكي من أكثر الكتّاب الذين قرأت لهم يكنون إحتراما كبيرا وبالغا للقصة القصيرة، يعمل على بناء قصته رويدا رويدا، كحديقة سريّة يبنيها ويزرع بها مايطيب، حتى يجهزها ويخرجها للملأ.. تامة. فلا يمكن لأحد أن تقع بين يديه إحدى نصوصه، وألا ترتسم على وجهه علامات الدهشة مما قرأ، وألا يتم إرساله لأحد العوالم المتخيلة الخاصة به.


“لا أدري لماذا أخذت تحاصرني هذه الكلمات الغريبة، يا له من شيطان همجي هذا الصديق المعتوه.. سيطرت عليّ أفكاره السوداء.. وأخذت تدق في داخلي كالنبض.. تشعبت كجذور نبات سام في كل أطرافي.. لماذا لا أجرب لمرة واحدة؟”.

نص من رواية المشطور لـ ضياء جبيلي.

نص من رواية: المشطور – ست طرائق غير شرعية لإجتياز الحدود نحو بغداد للروائي العراقي: ضياء جبيلي.

تتحدث الرواية عن شخص انقسم إلى نصفين أثناء محاولته لعبور الحدود أول مرة، بعدما تمت تطبيب جراحه تحوّل إلى نصفين. هما الإثنين بدأ رحلتيهما في البحث عن ذاتهما الأصلية، ومحاولاتهم الشتّى في البحث عن رواية للكاتب الإيطالي إيتالو كالفينو، يشابه بطله في رواية الفيسكونت المشطور حالتهما. لعلهما يعرفا النهاية. أثناء الطريق وأثناء عبور الحدود عدة مرات من الجهات الستّة، سيتقابلان مع جنود ميتين خلال فترات متفاوته من الحروب. سيجريان معهما عدة أحاديث. الأقرب كان لي:

 

Screenshot_2018-06-20-18-19-18Screenshot_2018-06-20-18-19-52Screenshot_2018-06-20-18-20-56Screenshot_2018-06-20-18-21-23Screenshot_2018-06-20-18-21-37

 

في 1969 أصدرت فرقة Creedence Clearwater Revival أغنية Fortunate Son التي تتحدث عن الجندي المسكين الذي يتم الزج به في حروب لا أصل لها ولا معنى. وتتحدث بالأخص عن التفرقة التي تحدث بين طبقات أبناء المجتمع أثناء شن الحروب، فمثلا أبناء الطبقات العُليا ومن لديه واسطه سياسيّة قوية، ومال بإمكان المؤسسة العسكرية التغاضى عنه. أم عكس ذلك فـ لا.

 

 

غنّاها ريان كيندر بإحساس أعمق:

لماذا نكتب؟

image

“حين لا أكتب، يجتاحني شعور بفقد شيء ما. إذا طالت بي الحال، تزداد الأمور سوءا، وأصاب بإكتئاب.
حين أكتب، خاصة إذا كان سير الكتابة جيدًا، فأنا أعيش في بُعدين مختلفين، هذا العالم الذي أعيش فيه الآن، وأستمتع به كثيرًا، والعالم المُختلف كليًا الذي أقيم فيه دون أن يعرف به أحد. وأظن أنه حتى زوجي لايمكنه التنبؤ به. حياة مزدوجة هذه التي أعيشها، دون أن امسّ زواجي وجنتّه بسوء.
حين أقوم بكتابة نص أدبي، أنسى من أكون ومن أين جئت.“ -جينيفر إيغان.

هل سألت نفسك يومًا وأنت متسمّر أمام شاشة الحاسب الآلي، غارقًا في الكتابة، تصطاد الأفكار المتطايرة هُنا وهُناك، وتحزن لإختفاء فكرة ما.. لماذا أكتب؟.
لماذا نكتب؟ يبدو أنه السؤال الذي تصعب إجابته حتى على أكبر الكّتاب الذين لهم مكانة في الأدب العالمي.
لماذا نكتب إذا؟ مالذي يدفع المرء للكتابة، والإنتقال إلى عوالم أخرى أثناء الكتابة، وإنفصالهم عن الواقع في تلك اللحظات المغريّة.
مالذي يجعلنا نمسك الورقة والقلم، أو الكتابة على الحاسب الآلي، أو حتى الكتابة وسرد كل شيء في أدمغتنا؟.
هذه الرغبة الشديدة في التحدث عن كل شيء وأي شيء، الرغبة الشديدة في نقل أفكارك ومعتقداتك للجميع بدون إستثناء. أم أنها الرغبة والخوف من المغادرة، بدون أن تخبر العالم عن مافي جُعبتك ومشاركتهم مايدُور في رأسك؟.
لماذا نكتب؟ هو الكتاب الذي حاولت ميريدث ماران، الإجابة عن السؤال فيه، مع عشرون كاتبًا مشهورًا في الوسط الأدبي العالمي، إلّا أن القاريء العربي لن يعرف على الأغلب منهم إلّا القليل، أو واحد على الأقل كالروائية إليزابيث الليندي، أو قد لايعرف أحد منهم على الإطلاق.
ولكن لا أعتبر أنه شيء مهم للغاية طالما أننا جميعا نتشارك شغف وحب أمر واحد، ألا وهو الكتابة، والأهم من كل ذلك (القراءة).
يقول ريك مودي “قبل أن أبدأ الكتابة، كنت قارئا نهمًا.“
فكل مايتشارك به هؤلاء الكتّاب هو “القراءة“ قراءة الكتب بكثرة، فكيف للمرء أن يبدأ الكتابة قبل أن يطلّع على الكتب السابقة التي كُتبت، سيكتسب الخبرة من القراءة، الأفكار لبدء بمشروع جديد، تدفق الكلمات منك مباشرة بكثرة.
“يجب أن تقرأ بقدر ماتستطيع. تلك هي أفضل طريقة لتتعلم كيف تكتب.“ -سوزان أورلين.
ماذا لو لم يقرأ أولئك الأدباء كل تلك الكُتب التي قرأوها وهم صغار، بالطبع لن يكون لهم حصّة ومساحة في هذا الكتاب، ولا في تاريخ الأدب.

وكالجميع أيضا، قررت أن أجاوب على السؤال بنفسي، كتبت العديد العديد من الإجابات، وفي كل مرة أغيّر رأيي عن الكتابة، أستسلمت وأكتفيت بالقول “لأني أحب الكتابة، ثمة حياة أخرى في الكتابة، حياة رائعة، غريبة ومثيرة للإهتمام“.
“لا أستطيع ألّا أكتب، ثمة شخصيات عالقه في ذهني، يجب أن أكتبها لأتخلص منها“.

عدد صفحات الكتاب 304، ترجمة بثينة العيسى وأخرون من مشروع تكوين للترجمة، حيث كان هذا الكتاب هو أول نتاج لهذا المشروع الرائع.
كما أن الترجمه كانت دقيقة وبطريقة أدبية فذّة.. يشعر القاريء بأنه جليس في كل لقاء يقرأه للكتّاب العشرون بداخله.
كما أنّك ستجد نفسك في الكتاب حتمًا، سيجد الكاتب الصغير كان أم الكبير نفسه كثيرًا في صفحاته، لن تشعر بأنك وحيد، وبأن كل المراحل التي تمر بها للكتابة هي مراحل طبيعيّة وضروريّة لإنتاج عمل إبداعي في عالم الأدب السّاحر.
يتحدث الأدباء، عن تجاربهم ونجاحاتهم وفشلهم مع دور النشر التي رفضتهم، أشدد على الفشل! الكثير الكثير من الفشل، والكثير الكثير من النجاحات “لا تيأس“.
“أنا كالملاكم، تلقّي الضربات هي أسوأ اللحظات وأفضلها. إنني أحاول النجاة وحسب.“ -والتر موزلي.

وفي نهاية كل لقاء يحصل القاريء و “الكاتب“ منّا على بعض النصائح من شُخوص عالميّة سبقتنا في هذا العالم البديع.

أخيرًا، لماذا نكتب؟.
إننا نكتبُ لنزيل حِملًا ثقيلًا ينكبّ فجأة على أكتافنا. لنشعر بأننا أحرار، لنخبر العالم بأننا موجودين.

“أحتاج أن أروي قصّة، إنّه هاجس.“ -إليزابيث الليندي.

“الكتابة جزء كبير من حياتي، إلى حد أنني لا أستطيع ألّا أكتب. إذا لم أكتب سأجنّ; وبصراحة لديّ عائلة، وأنا أحتاج للنقود.“ -جيمس فري.

“أكتب لأنّ هذا ما أتقن فعله.“ -سو غرافتون.

“الشيء الوحيد الذي يدفعني للجنون أكثر من الكتابة، هو عدم الكتابة.“ -سارا غروين.

“أكتب لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي أعرفه.“ -كاثرين هاريسون.

“الكتابة هي جزء جوهريّ من وجودي في هذا العالم.“ -غيش جين.

إذا؛ إنّ الكتابة هي حياة من نوعٍ أخر، لا يُمكن الخروج منها ما إن تدخل إليها.

الجنس الآخر-سيمون دي بوفوار.

#‏مراجعةـكتاب‬

12662611_940071399376120_5382271734694067018_n

Artwork By : Josephine Cardin

إن نضال المرأة لم يكن قط إلا نضالًا رمزيا، ولم تفز إلا بما أراد الرجل التنازل عنه. لم تأخذ شيئًا أبدا بل تسلمت ما أعطيَ لها.” –سيمون دي بوفوار.

كتاب الجنس الآخر لـ سيمون دي بوفوار، وهي فيلسوفة وجودية وإن كانت ترفض هذه التسمية، والوجوديون يرون أن للإنسان الحريّة المطلقة في نفسه ولايحق لأي شخص أن يستعبد شخصا أخر مهما كانت الإختلافات والأسباب..
في كتابها تدرس نفسية المرأة وتحللها تحليلًا مفصلا تاما، متسائلة عن سر نشأة التمييز الحاصل بين الذكر والأنثى، دارسة الموضوع من وجهة نظر نفسية وكذلك تاريخيّة طول العصور، وتلاحظ تغيّر وضع المرأة السابق عن الحالي وإن كان لايزال يمارس هذا الظلم بوطأة خفيفة.. أو أن المرأة قد إعتادته حتى أصبح عندها كأسلوب حياة إجتماعي لايمكنها الحياد عنه؟.

الكتاب مؤلف من 319 صفحة، بجزئين: الأول مقدمة عن الموضوع من الناحية النفسية والتاريخيّة والفيزيائية، أما الجزء الثاني فهو يتكون من أربعة أقسام: مراحل تكوين المرأة، أوضاع المرأة-الإجتماعية الإقتصادية… إلخ-، تبريرات للمرأة، وأخيرا نحو تحرر المرأة والذي تطرح فيه بعض الحلول لهذه المشكلة.
ولكن سأسرد أكثر فصل أعجبني وهو تحدثها عن مراحل تكوين المرأة من الطفولة حتى الشيخوخة، حيث تغوص سيمون في أعماق نفسها وإن أختلف معها في عدة نقاط.

فترى دي بوفوار أن مرحلة نشأة الطفولة هي سبب البلاء كله، من الأم والأب –مركزة على الأم تحديدا- وطريقة نظرتهما وتربيتهما لهذه الفتاة وصقلهما لها، حيث أن ماتتربى عليه الفتاة إن لم تكن واعيه بما يحيطها سيؤدي بها حتما للهلاك النفسي أولا ثم المجتمعي وإن لم تلحظ هذا، وستسصبح خانعه لكل ماتؤمر به، ستهرب من حريتها وتحول نفسها لغرض أو متاع، ستصبح ضائعة وفريسة لإرادة الأخرين، وغير قادرة على تأكيد ذاتها في مجتمعها الصغير/الكبير.
“لقد تقرر مصيرها! فتصبح زوجة، أما وجدة وستشرف على العناية ببيتها وبأطفالها وكما تفعل أمها تماما أنها لم تتجاوز بعد الثانية عشرة من عمرها ومع ذلك فإن تاريخها مكتوب في السماء بحروف من نار وعلى مر الأيام ستكتشف مستقبلها السلبي دون أن تُساهم في بنائه وأنها لتشعر بالفضول الممزوج بالخوف حين تفكر بالحياة التي حددت طبيعتها منذ الآن والتي تنقادُ نحوها إنقيادًا أعمى في كل لحظة تعيشُ فيها“.”

ثمّ تطرقت إلى مرحلة المراهقة والتي يتم تحديد فيها مصير الفتاة رسميًا:
إنّه لوضعٌ مؤلم أن تشعر الفتاة بسلبيتها وتبعيتها في سن الأمل والطموح. في السن التي تتفتح خلالها إرادة الحياة لدى الإنسان ليبني نفسه مكانا على سطح الأرض. ففي هذه المرحلة من العمر تتعلم أن النصر محرم عليها وأنّه يجب عليها أن تتخلى عن شخصيتها المستقلة “التي عاشتها أثناء الطفولة” وأن مستقبلها يتوقف على إرادة ومشيئة الرجال.”.

كثيرًا ماتعتري الناس الدهشة أمام السهولة التي تتخلى فيها الفتاة عن الموسيقى والدراسة والمهنة إذا وجدت زوجا مناسبا لها، الأمر الذي يدل على أنها لاتعلق أيّة أهمية على هذه المجالات الفكريّة فلاتشعر بأية خسارة في حالة تخليها عنها.”.

ثمّ تتحدث عن مرحلة الزواج “المرأة المتزوجة” وهي المرحلة التي أختلف فيها معها كثيرا..
سيمون تنظر للزواج كمؤسسة إستعبادية مالم يتحقق من المساواة شيء طوال الفترة التي يمضيانها مع بعض، وتنظر للرجل كأنه حيوان لاينظر للمرأة إلا كمتاع جنسي فقط..
الزواج هو المصير التقليدي الذي يخصصه المجتمع للمرأة، وأغلب النساء حتى يومنا هذا إما متزوجات أو يعددن أنفسهن للزواج أو يتألمن لعدم تزوجهن” ثمّ تبدأ بتحليل الزواج من منظورها الضيّق المتعصب إن صح التعبير.

في هذه المرحلة تتحدث عن الأمومة.. إنه الإستعداد الطبيعي للمرأة حيث لاتكتمل أنوثتها إلا إذا أنجبت طفلا..
حيث تؤكد على التأثير الكبير الذي تتركه الأم في إبنتها من تأثير سلبي أحيانا في نفسها، فلا تعزز ثقتها بل تحاول هدمها بشتى الطرق.
بوفوار تدعم الإجهاض وأن للمرأة الحق بالتصرف في جسدها ومحتواه الإحتفاظ به أو التخلص منه.
كما أنها ترى أن الدين أيضا أحد أسباب الظلم.. ماعلينا منها.
الجزء المهم والأخير هو تحدثها عن مرحلة الشيخوخة لدى المرأة وكيف تبني أحلامها وطموحها في أولادها والصراع الذي يتبع كل هذا مع زوجة إبنها/ هذي حقيقه ولايمكن إنكارها ولازال هذا الصراع مستمر وسيستمر لأبد الأبدين ونراه كل يوم في مجتمعاتنا، المرأة تنسى نفسها وتبنيها في أحد أبناءها إن لم تجد في زوجها المراد…
*
أخيرا إقتباسات أعجبتني:

“إننا نحبس المرأة في المطبخ أو في المخدع وبعد ذلك نندهش إذ نرى أفقها محدود، ونقص جناحيها ثم نشكو من أنها لاتعرف التحليق.”

“”يجب أن يؤسس الحب الصحيح على الإعتراف المشترك بوجود حريتين دون أن يتخلّى أي من المحبين عن نزوعه إلى الإرتقاء

مرة أخرى نعود للقول بأن ضعف المرأة لايعود إلى أسباب فطرية في طبيعتها، وإنما حالتها العامة التي يفرضها عليها المجتمع منذ حداثتها حتى أواخر أيامها.”
*

نُشرت على موقع سلفيوم