أوهام المرأة

image

إن الفتاة تكبُر في العمر ويتم إيهامها بأن كل شيء تريده ستجده في بيت الزوجيّة، فتبدأ الفتاة تتخيّل  أحلامًا وأوهامًا عن ذلك العشّ الذي أعده لها أهلها مُسبقًا قبل حتّى أن تولد.
فما إن تكبر الفتاة حتى تبدأ متطلباتها تزيد وتكبر، وترى إخوانها يكبرون معها، فتتلهف لحياتهم، وتصبح تحدّث والدتها بما أنها الأقرب لها عن أحلامها وطموحها مستقبلًا، ويكون رد الأم قاسيًا وبنغمة لم تعتدها يوما (عندما تتزوجين). فتفزع الفتاة، ولكنها بعد فترة تعتاد تلك الجملة وتستلطفها.
فكما أن الصبي يحلم بالسفر للدراسة أو السياحة والترفيه عن نفسه، تحلم الفتاة بذلك أيضا. فيكون الرد بكل بساطة (عندما تتزوجين).. وإن كانت تلك الفتاة تعيش في بيئة أميّة جاهلة لاتعرف عن الفتاة إلا أنها جوهرة مصونة تكُون فرص التعليم أيضا حلما بدل أن تكون حقًا من حقوقها.
ثم إن الفتاة إذا ماحالفها الحظ ودرست وتعلمت وتخرجت من الجامعه، ودخلت في عالم الخدمة والعمل، يكون مصير إستمرارها منطوي على يد رجل غريب لاتعرفه. تقول لها الأم (إذا تقدم لك رجل صاحب جاه ومال، ووافق على عملك يجب أن تسعدي بذلك.) فيتم إسكاتها ويجهل المرء منا ماذا سيكون رد الفتاة وبأن مصير عملها ودراستها كلها مقتصرة على كلمة واحدة من رجل غريب لاتعرف عنه شيئا إلا أنه يريد أن يتزوجها.
فكم من فتاة توقفت عن الدراسة، أو العمل ثم عضّت أصابع يدها ندما.. ومنذ مدة أردت أن أقوم بإحصائية عن النساء اللواتي توقفن عن الدراسة أو العمل، وإذا ماكان القرار بين يدي زوجها أو هي ولسوء حظي لم تسنح لي الفرصة للقيام بذلك.
كما أنني لا أعترض أبدا على من تريد ترك عملها أو دراستها في سبيل شخص تحبّه أو حتى للزواج، ولكن يجب أن يتم توجيه تلك الفتاة بالطريقة الصحيحة، وتوعيتها على ماقد ستؤول له الأمور من سوء في المستقبل، وبأنها يجب أن تتحمل المسؤوليّة، وألا تلقي باللوم على أحد، حتّى زوجها.
تبدأ الفتاة إذا لم تصر الحياة كما تريد بشعورها بأنها عالة على أهلها، وما ان تستقل ماديا، حتى يُثقل عليها المجتمع وبأنها الآن أصبحت عالة أيضا لأنها لم تتزوج.
فتنسى الفتاة نفسها، وتصبح لاتفكر إلا في المجتمع، ونظرتها له، إلا إذا كانت واعيه بما فيه الكفاية بأنها أعلى وأسمى من كل مايُقال.
وما إن تتزوّج الواحدة، حتّى ترى بأن ماكانت أمها تعدها به مختلف تماما عن الواقع، وأن الأحلام تبخرت وأصبحت من الماضي. والآن عليها أن تواجه الواقع بنفسها هي الآن وحيدة ولا أحد يعلم مايدور في داخلها من آلام وأحزان. وبأن السفر والبذخ والملابس وكل شيء ماهي إلا أوهام.
الأن تقف الفتاة في وجه الواقع، وتبدأ بإقناع نفسها شيئا فشيئا بأن هذا ماتريده حقا.. وبأن ماكانت تعدها أمها به، سيأتي حتما ولكن يجب أن تصبر.
وتمر السنون فتصدّق حياتها وتحاول ان تنسى.

الجنس الآخر-سيمون دي بوفوار.

#‏مراجعةـكتاب‬

12662611_940071399376120_5382271734694067018_n

Artwork By : Josephine Cardin

إن نضال المرأة لم يكن قط إلا نضالًا رمزيا، ولم تفز إلا بما أراد الرجل التنازل عنه. لم تأخذ شيئًا أبدا بل تسلمت ما أعطيَ لها.” –سيمون دي بوفوار.

كتاب الجنس الآخر لـ سيمون دي بوفوار، وهي فيلسوفة وجودية وإن كانت ترفض هذه التسمية، والوجوديون يرون أن للإنسان الحريّة المطلقة في نفسه ولايحق لأي شخص أن يستعبد شخصا أخر مهما كانت الإختلافات والأسباب..
في كتابها تدرس نفسية المرأة وتحللها تحليلًا مفصلا تاما، متسائلة عن سر نشأة التمييز الحاصل بين الذكر والأنثى، دارسة الموضوع من وجهة نظر نفسية وكذلك تاريخيّة طول العصور، وتلاحظ تغيّر وضع المرأة السابق عن الحالي وإن كان لايزال يمارس هذا الظلم بوطأة خفيفة.. أو أن المرأة قد إعتادته حتى أصبح عندها كأسلوب حياة إجتماعي لايمكنها الحياد عنه؟.

الكتاب مؤلف من 319 صفحة، بجزئين: الأول مقدمة عن الموضوع من الناحية النفسية والتاريخيّة والفيزيائية، أما الجزء الثاني فهو يتكون من أربعة أقسام: مراحل تكوين المرأة، أوضاع المرأة-الإجتماعية الإقتصادية… إلخ-، تبريرات للمرأة، وأخيرا نحو تحرر المرأة والذي تطرح فيه بعض الحلول لهذه المشكلة.
ولكن سأسرد أكثر فصل أعجبني وهو تحدثها عن مراحل تكوين المرأة من الطفولة حتى الشيخوخة، حيث تغوص سيمون في أعماق نفسها وإن أختلف معها في عدة نقاط.

فترى دي بوفوار أن مرحلة نشأة الطفولة هي سبب البلاء كله، من الأم والأب –مركزة على الأم تحديدا- وطريقة نظرتهما وتربيتهما لهذه الفتاة وصقلهما لها، حيث أن ماتتربى عليه الفتاة إن لم تكن واعيه بما يحيطها سيؤدي بها حتما للهلاك النفسي أولا ثم المجتمعي وإن لم تلحظ هذا، وستسصبح خانعه لكل ماتؤمر به، ستهرب من حريتها وتحول نفسها لغرض أو متاع، ستصبح ضائعة وفريسة لإرادة الأخرين، وغير قادرة على تأكيد ذاتها في مجتمعها الصغير/الكبير.
“لقد تقرر مصيرها! فتصبح زوجة، أما وجدة وستشرف على العناية ببيتها وبأطفالها وكما تفعل أمها تماما أنها لم تتجاوز بعد الثانية عشرة من عمرها ومع ذلك فإن تاريخها مكتوب في السماء بحروف من نار وعلى مر الأيام ستكتشف مستقبلها السلبي دون أن تُساهم في بنائه وأنها لتشعر بالفضول الممزوج بالخوف حين تفكر بالحياة التي حددت طبيعتها منذ الآن والتي تنقادُ نحوها إنقيادًا أعمى في كل لحظة تعيشُ فيها“.”

ثمّ تطرقت إلى مرحلة المراهقة والتي يتم تحديد فيها مصير الفتاة رسميًا:
إنّه لوضعٌ مؤلم أن تشعر الفتاة بسلبيتها وتبعيتها في سن الأمل والطموح. في السن التي تتفتح خلالها إرادة الحياة لدى الإنسان ليبني نفسه مكانا على سطح الأرض. ففي هذه المرحلة من العمر تتعلم أن النصر محرم عليها وأنّه يجب عليها أن تتخلى عن شخصيتها المستقلة “التي عاشتها أثناء الطفولة” وأن مستقبلها يتوقف على إرادة ومشيئة الرجال.”.

كثيرًا ماتعتري الناس الدهشة أمام السهولة التي تتخلى فيها الفتاة عن الموسيقى والدراسة والمهنة إذا وجدت زوجا مناسبا لها، الأمر الذي يدل على أنها لاتعلق أيّة أهمية على هذه المجالات الفكريّة فلاتشعر بأية خسارة في حالة تخليها عنها.”.

ثمّ تتحدث عن مرحلة الزواج “المرأة المتزوجة” وهي المرحلة التي أختلف فيها معها كثيرا..
سيمون تنظر للزواج كمؤسسة إستعبادية مالم يتحقق من المساواة شيء طوال الفترة التي يمضيانها مع بعض، وتنظر للرجل كأنه حيوان لاينظر للمرأة إلا كمتاع جنسي فقط..
الزواج هو المصير التقليدي الذي يخصصه المجتمع للمرأة، وأغلب النساء حتى يومنا هذا إما متزوجات أو يعددن أنفسهن للزواج أو يتألمن لعدم تزوجهن” ثمّ تبدأ بتحليل الزواج من منظورها الضيّق المتعصب إن صح التعبير.

في هذه المرحلة تتحدث عن الأمومة.. إنه الإستعداد الطبيعي للمرأة حيث لاتكتمل أنوثتها إلا إذا أنجبت طفلا..
حيث تؤكد على التأثير الكبير الذي تتركه الأم في إبنتها من تأثير سلبي أحيانا في نفسها، فلا تعزز ثقتها بل تحاول هدمها بشتى الطرق.
بوفوار تدعم الإجهاض وأن للمرأة الحق بالتصرف في جسدها ومحتواه الإحتفاظ به أو التخلص منه.
كما أنها ترى أن الدين أيضا أحد أسباب الظلم.. ماعلينا منها.
الجزء المهم والأخير هو تحدثها عن مرحلة الشيخوخة لدى المرأة وكيف تبني أحلامها وطموحها في أولادها والصراع الذي يتبع كل هذا مع زوجة إبنها/ هذي حقيقه ولايمكن إنكارها ولازال هذا الصراع مستمر وسيستمر لأبد الأبدين ونراه كل يوم في مجتمعاتنا، المرأة تنسى نفسها وتبنيها في أحد أبناءها إن لم تجد في زوجها المراد…
*
أخيرا إقتباسات أعجبتني:

“إننا نحبس المرأة في المطبخ أو في المخدع وبعد ذلك نندهش إذ نرى أفقها محدود، ونقص جناحيها ثم نشكو من أنها لاتعرف التحليق.”

“”يجب أن يؤسس الحب الصحيح على الإعتراف المشترك بوجود حريتين دون أن يتخلّى أي من المحبين عن نزوعه إلى الإرتقاء

مرة أخرى نعود للقول بأن ضعف المرأة لايعود إلى أسباب فطرية في طبيعتها، وإنما حالتها العامة التي يفرضها عليها المجتمع منذ حداثتها حتى أواخر أيامها.”
*

نُشرت على موقع سلفيوم

يوميات ربّة بيت إلاّ .

من جواجي  الخيال .
في العالم الموازي .
لا ظلم ,
لا قهر ,
لا إضطهاد ,
لا عنجهيه ,
لا جرائم حرب .

*

وتقُول لي بأننا في منزلنا لا نعترف بصباح الخير و مساء النور , فيومنا يبدأ بهذه الأسئلة , وينتهي بالأجوبة , أفعالًا وليس أقوالًا .
على من المطبخ اليوم ؟
على من الحوش اليوم ؟
على من الحمامات اليوم ؟
من إتنشف قدّام باب الحوش ؟
أبدأ بإسترجاع ذاكرة اليوم السّابق , حتّى لا أقع في فخ خدمةٍ كنتُ قد قمت بها في اليومين السابقين .
و إذا ما أخطأت وقمت بعمل خدمه ليست في الواقع لي , فسأشعر بالهزيمه و الذل والهوان , وسيتحتّم عليَّ أن أقوم بوظيفتي الأصليّة متحمّلةً نتيجةِ غبائي ودهائي الخارقين , لوحدي .

– المطبخ مش عليا ! عليّا الحوش .
– خوذي المكنسه وكنسي وبعدها نشفي , ولا تنسي التلميع .
– عليّا أنا المطبخ !
– أمشي لمّي مواعين الفطور .
تصرخٌ بأعلى صوت – والحمّامات ؟؟
– عليّا أنــا
– بيش أتنظفيهن بدري ! وماتنسيش إتحكّي حوض ” الجلد “
نعم قالت حوض الجلد , مستغربةً في قرارة نفسي من هذه الكلمة , رغم سماعي لها مُنذ الصغر , ومن ذلك الذي إخترع هذه الكلمة ؟ وهل العالم يدري بها ؟ وحوض الجلد لمن لا يعرف ماهو , هو حوض الإستحمام ,  ما إن دققت في المعنى حتى ترأى لي حوضٌ كبير مليء بالجلد , مصنوعٌ من الجلد , مُقرف ! .
وكلنا يُنهي وظائفه الأساسيّة قبل المغرب , هذا لا يعني البتّه نهاية الرحله , فمثلاً صاحبة المطبخ لا يقتصر دورها على مواعين الفطور فقط , بل على مواعين اليوم كلّه .
صاحبة المطبخ هو اللقب الذي يُطلق على الفتاةِ صحابة الدور , تحمل شرف هذا اللقب ليوم واحد فقط , كما هي صاحبة المنزل وصاحبة الحمامات , وصاحبة الدروج وهكذا .
فصاحبة المطبخ مسؤولة عليه إلى أن تنام , حتى لو نامت الساعة الثانيه صباحًا , يجب أن تنظفه , وبرغم من معارضتي لهذا الموضوع , وأنّ الثانيه صباحًا هي بداية يومٍ أخر ,  ويجب أن تنظف المطبخ صاحبة الدور التالي , ولكنّي قُبلت بهجومٍ عنيفٍ جدًا , حتّى كدّتُ أن أرجم بالشباشب , و أغطية الطناجر , ومعالق الطهي .

إستأنفت حديثها بعد رشفة من فنجان القهوة الذي وشك على أن يبرد , أخذت نفسٌ عميق .

عندي أختي تنامُ مبكرًا , أحيانًا عندما تنام , يقوم أحدهم بطهي عشاء لنفسه , مخلفًا وراءه شكل و نوع من أنواع الحرب العالمية ذات الدرجة العاشرة , وهي أقصى درجات الحروب , التي فاقت المخلفات التي خلفها المغول ورائهم , النّاجي الوحيد هو الطاهي والصحن المليء بالطيبّات , أمّا ضحايا هذه الحرب , الأميره النائمة , والطواجين المحروقه , ومحّة الخبزة المبعثرة على السفرة بطريقة شنيعه , حبّات الطماطم المقصوصه بطريقه سيرياليّة , أغلفة جبنة الشرائح الملتصقة على طاولة المطبخ بعصير الطماطم , ملعقة الهريسة المرميّة على الطاولة مخلفّة ورائها فوضى .
إستأنفت كلامها قائلة إننا نرى المطبخ بنظرة مغايره عن الأشخاص الذين لا يقومون بهذه الوظيفه , خاصة بعدما يقوم أحدهم لا يعرف الطهي  وأساسياته بوضع الطاجين على النار , ومن ثمّ المغادرة بصحنٍ مليء بالبيض  , والطماطم  , و التكّات والحركات * , تاركًا وراءه كارثة بشرية قد تسبب في صنع ثقب أوزونٍ أخر . 

How i see the Kitchen
How others see the kitchen
وهل كنتِ تظنين بأن النوم سيغنيك عن القيام بواجباتك ؟ فأنت تحلمين ! , يتحتّم على أختي الإستيقاظ صباحًا في اليوم التالي لإكمال بقايا واجبها إتجاه الوطن , وتنظيف المخلفات ولملمة الأشلاء , والمسبب في هذا العمل الشنيع غارق في النوم , مسقطةً عليه اللعنات والدعاوات كالسهام في قلبه .
 
و إن لم ترتّب هذه الفوضى , سنحصل على تكشيرات مجانيّه جماعيه ولو أنها مؤقته إلا أنها مزعجه , ولا أنسى الخُطب .
فالخطب مهمه جدا , تقوم بتحريك مشاعرنا , وتأنيب الضمير , وإشعال نار الحقد و القهر في قلوبنا , أكاد أجزم بأن الواحده منّا تحترق من الداخل , حتى إذا إقتربت منها تستطيع شمّ رائحة الشياط .
إن المهام كثيرةٌ حقَا , ومُتعبه , والأسوء من هذا كله , هو المشاهده , وفعل الفوضى وعدم ترتيبها .
*
في الصباح :
– إبرمي على الحوش , ولمّي الكبابي والطواسي والكاسات وأي صونيه تلقيها جيبيها للمطبخ .
– حاضر !
 
تتنحّف قدماي وأنا ألف المنزل , صاله صاله , غرفه غرفه , زنقه زنقه , زاويه زاويه , تحت الطاولات و أعلى المكتبات , ألملم الأكواب والمعالق , والكاسات والصواني والأوراق … إلــخ, أنقلها إلى المطبخ , ثم تبدأ المرحله التاليه .
بعد التخلص من المخلفات الكبيره , تبدأ مرحلة شفط المخلفات الصغيره , ” الفتاريش ” كما نسمّيها , ” الجزيئات العفنه ” كما يسمّوها , أُوصل المكنسه الكهربائيه بالكهرباء , فتبدأ بالصياح , يصدح صوتُ المكنسه الكهربائيه في أرجاء المنزل , يوقظهم أجمعين .
وما أجمل صوت الفتاريش وهي تدخل للمكنسه ” تك تك تك ككك ” شعورٌ بالنظافه والإنتعاش والنشوه يتملكني .
أستغل هذه الفرصه للغناء , وإختبار جودة صوتي , غير آبهةٍ لهم .
– طفّي المكنسه 
– خلينا نرقدوا شويه 
– خليها تنظف , شن دخّلك بيها 
– نظفي , نظفي قبل لا يجي باتك 
أغنّي أغنّي حتى إنتهائي من التكنيس , أطفيء المكنسه , أرجعها إلى مكانها , أفتخر بتحسّن صوتي في الغناء . 
*وقت إستراحة *
 
الإستراحه حتى مابعد الغذاء , أعاود المهمّه من جديد , ولكن هذه المره بدون صوت , بدون كهرباء , بالمكنسه العاديه , أو بالمكنسه الكركابه كما يسمّيها البعض , منهم نحن .
صورة للمكنسة الكركابه
 
ومن الغباء أن تظن الواحده فينا بأن مهمّة تنظيف المنزل أسهل من باقي المهام ,وأنا أعرف جيدا بأن صاحبة المطبخ تحسد صاحبة المنزل و صاحبة الحمامات ولو إن كانت وظيفتها سهله تكّن الحقد لصاحبة المنزل , لسبب غير معروف , هنالك بخور وملطّف , ولفّة على الحوش بعد الغذاء لإكمال التنظيف , هنالك أوراق ستُرمى في نهاية النهار على الأرض تحتاج لمن يرفعها , هنالك شباشب مرميّة بطريقة عشوائية أمام المنزل و في الممرات تحتاج من يلم شملها مع بعضها , سفرة الشاي التي تحتاج إلى من ينقلها إلى المطبخ , الملعقة الناقصه في السفره تحتاج إلى من يحضرها , سفرة الغذاء التي تحتاج إلى من ينقلها أيضا للمطبخ , طاولات الغذاء تحتاج من يمسح على رأسها ويلمعها , وهكذا … 

إننا كالآلة تماما , تمت برمجتنا منذ الصغر على هذه المهام … ولا يمكننا الرجوع .

 
أتحدث هنا يا صديقتي عن أولئك الفتيات اللواتي يكملن حياتهن بجدولٍ معيّن , و لأن أمهنّ تحبهنّ فخصصت لهنّ هذا الجدول , من باب تغيير الروتين والجو , و ” تحريك العظام ” كما تقول الأم , أم أولئك الفتيات اللواتي يبدأن يومهنّ بعشوائيّة تامّة ولا يعرفن ماهي وظيفتهنّ لليوم , فهنّ تائهات حتما , و حياتهن ممله .
أما بالنسبة لوحيدة أهلها , فهي مسكينةٌ حتمًا , وإني أدعو لها في صلاتي على أن يخفف الله حملها الثقيل على أكتافها , وأن يقوّيها ويرسل لها من يساعدها ويهدّي سر الفوضويين الذين تسكن معهم .
 إنني لا أحب الشموليّة يا صديقتي , فأنا هنا لا أقصد بأنهم فوضويين كلهم , بل هنالك من يسبب الفوضى ويلملمها , وهو المحبوب من الجميع , وخاصةٍ الفتيات , ولكني أتصوّر بأن في كل 3 منازل من 4 , ثمّة شخص فوضوي جدا جدا , وهو أحد أسباب أعصاب المعده للأخت الكُبرى .
 
نسيت أن أتحدّث عن صاحبة الحمامات , التي قد يضيع يومها كلّه وهي تبحث عن فردة ” السبّاط الي مايزلقش ” وهو كما أعرف أنا , وتعرف أنت و يعرف الجميع على هذه البسيطه بأنه محبوب الجميع , حبيب الملايين , قاهر الزليز , و حامي العظام من الكسر , وما إن تجده حتى تبدأ مهمتها , المصيبه لا تكمن في حمام واحد , بل إذا كان في منزلهم أكثر من واحد , إثنان , ثلاث , أربع , تمسك في يدها السطل والممسحة , تدور على هذه الحمامات و رائحة البوطاس والصابون والديتول تفحفح من ورائها .
تضحك وتكمل قائلة 
 
إذا ما أرادت الواحده منا أن تُري أمها بأنها تقوم بواجبها على أكمل وجه , تأخذ المكنسة الحرشة وتبدأ تفرش فيها على الزليز , علّ وعسى أن تسمعها أمها وتقول ” يوم علّي , يوم علّي , بنيتي حرّه ” .
 
تحدثني و أنا أفكر في الحمّام الي مازلت مانظفته , أفكر في ردّت فعل أمي إذا ماعادت ووجدتني لم أكمل التنظيف . 
سنتوقّف هنا يا صديقتي .
 
أودعها على أمل لقائها غدًا , لتحدثني عن باقي مغامراتها , لأقارنها بمغامراتي , والمغامره هنا ليست إلا تعبيرا مجازيًا , فالتنظيف لا يصنّف من أنواع المغامرات كما تعلمون .
فاصل للإغاظه ورفع معنويات ” شبابات الحوش ”  :
الحوش الي مافيه بنات ؟؟ 
 
مظلّم / إمسّخ / مخمّر من كل الجهات 
كيف البنك بلا شيكات
كيف النت بلا قيقات
 كيف الليل بلا نجمات
 
والحوش الي مافيه بنيّه مقطوعه منّه الحنيّه 
إنتهي الفاصل 

 
كنت قد قرأت في أحد المواقع أن الخبيره الألمانيه ”  ألكساندرا بورشارد بيكر” قالت بأنه يمكن الاستفادة من أعمال تنظيف المنزل كأحد أشكال رياضات قوة التحمل حيث يحرق الجسم ما لا يقل عن 600 سعرة حرارية عند قضاء ساعتين متواصلتين في تنظيف الأرضيات بالمكنسة الكهربائية وتلميع النوافذ ومسح الأرضيات وتنظيف الحمام.

 خلال استخدام الوسائل المنزلية كالخل أو حامض الستريك بدلاً من المنظفات الكيميائية التي لا تستلزم بذل أي جهد عند استخدامها.

ولإخلاء ذمتي , لقد نسخت الخبر نسخا كما هو من أحد المواقع , وعلى العموم هذا يعني بأن الأمر في صالحنا في النهايه , وهنا أتحدث عن اللواتي لايخرجن من المنزل كثيرا , ويتذمرن بخصوص الحركه القليله التي يمارسنها .

ومادفعني لكتابة هذه التدوينه هي علاقتي بالمنزل طيلة ال7 أشهر السابقه , في إنتظار أن ينتشلني خبر بدء الدراسه , ولكن طال إنتظاري و إشتعل الرأس شيبا و زادت علاقتي بالمنزل , وتوقف دماغي عن العمل , وحب الدراسه , حتى بدأت أفكر كـ ربّات البيوت القاصرات ولكن بدون زوج .

*

و إن لم تعجبك هذه التدوينه فهو من حقك وإن أعجبتك فهو من حقك أيضا و لكن ما يهمني هو إخراجي لكل هذه المخلفات والأفكار البائسه التي ظلّت وستظل تضايقني و تحضر في أحلامي و كوابيسي حتى أجد مايلهيني عنها . أتحدث هنا عن الأفكار وليس عن الوظائف , فالوظائف لا تكفيها تدوينه واحده , بل عدّة يمكن حصرها بالتأكيد .