قطعة من جدار متصدّع

By: Anna Heimkreiter

أقسّم اليوم إلى أربع
صباح، مساء، مساء، ثم ليل.
في الصباح أعمل على إنهاء واجباتي
المساء الأول، أسترخي.
المساء الثاني أنهي النصف الآخر من واجباتي.
ثم يحل الليل.


الليل..

لقد مر وقت طويل.
لم أستطع عقد صفقة معه.
الليل يأتي بغيمة
تصبّ على قلبي
وتنفث غبارها في عيناي
حتى لا أرى شيئا.

قبل إغلاق الباب،
أعد الحاضرين..
ثمة قطعة ناقصة.


أكفّ عن العد.


لكن ضوءا ما يخرج من مكانها الفارغ.
أقف مجددا وأعدّ
حتّى يتكوّر لساني لأتوقف.

ثم أعيد سؤال نفسي
لما لم تُنهي كلماتك حتى الآن؟

أنهيتِ الواجبات؟ ولكن ماذا عن الكلمات؟


لما لم تقولي كذا و كذا وكذا.


أهزّ برأسي مثل جذع شجرة نفخته الريح.


أبتلع أعينهم
وأحاول إبعاد أصابعهم التي تخدش الجدار.


قليل من الدماء المنسكبة على الأرض
لا بأس، أعيد مسحها من جديد.
ثم أضع ضمادة..
وأجبر قطعة منكسرة
وأخيط جهةً مُنسلّة
ممم، يستمر الأمر لعدة أيام ربما.. أو أسبوع..


اليوم عددتها..

وأكتشفت أنه أسبوع.

يجب أن أتوقف عن العد.


ياللحزن،
أقول.. “نحن نمضي بالتخلّي”
ثم أجد أحدهم متعلقا في كتفي يأبى ذلك.
ثورة صغيرة تُقام من خلفك أثناء الرحيل.
كيف؟ كيف؟ لماذا؟
ومن سمح لك؟
ألم يكن للقبلة الخالدة أي تأثير؟.

النهاية في يوم واحد.

Illustraed by: Eleni Debo

أنت متأخر دائما
عن طابور الصباح
وعن العشاء
وعن الحب
آه نعم ياله من أمر محزن
أن تكون متأخرا دائما عن كل شيء.


وبالنظر إليك
يظن الجميع بأنك في أول الصف
لكنك،
لم تصل حتى للوقوف فيه
الطابور..
صف المنتظرين
لايسعني.
ولكن غدًا،
سأكون أكثر حرصًا

سأقف وحيدا،
سأصنع طابورا خاصًا بي.
ولكن متى يأتي الغد؟
وإلى ماذا سيوصلني هذا الطابور؟


النهاية وحدها مع الجميع.


وحيدًا،
أقف.. وحيدًا.
لا صديق، لا حبيب، ولا أب.
وهكذا،
أصنع طابورا لوحدي،
ونهاية لي..
بيدّي،
ألقي كل شيء على الجدار
حتى تتفتّح زهور الربيع.
وينكسر المفتاح.


جداري لوحدي،
وبابي لوحدي،
نهاية لي أنا.. لوحدي.
ولكن،


هذا الباب أيضا لا يسعني.
لايسع لي،
ولا لحزني
ولا لقلبي الذي أحمله خلفي
ولا لحجم رأسي.

بابٌ خاطىء!

مرة أخرى.


إذا.. سأعود من جديد؟


هكذا، دائما
أصل متأخرة.


ولكنّي سأحاول عبثًا..
كما حاول الآخرون، إن وجدو.

فُتات

artist ulla jokisalo

هذا كل ما لديّ
أفتح كيس الخيش
وأخرج ما حملته وجمعته طوال الأسبوع


الخميس..

نهاية الأسبوع.


أولا، أُخرج الغضب

بصعوبة،
أضعه على الطاولة.
حيث صوت يصرخ في الغرفة

ترتفع درجة الحرارة فجأة

يخلع الجميع معاطفهم
يحاولون اسكاته..


لكنّي أقف أمامهم
أتركوه.


ثمّ أخرج الوحدة


منديل
أسود
أفرشه على الطاولة.

يسكن من في الغرفة.


صوت ريح..


ثم أخرج الحزن.

وأخرجه مرة أخرى..

أطلب المساعدة..

لا ينتهي.


آه، الشعور المفاجىء بالحزن.


إنه لا يرحل.

وداعات شمس السابع من إبريل.

ترسم الشمس خطوطها على الوجوه العابسة، تنثر دفئها وترطّب شفاههم بقبلة صغيرة، ثمّ تلفّ الغيوم أجسادهم
وتحملهم إلى السّطح.
أولا عليك أن تصعد الدرج.. وأن تتجرأ لفتح الباب الحديديّ الصديء، سيبدو لك صعبا باديء الأمر، ولكن لتتفادى الطرق المغلوطة لفتح الأبواب الصدئة، عليك أولا أن تترك كل شيء من يديك، هذا يعني بأن عليك أن تتخلى عن كل شيء لتستطيع فتحه.
وستوبخك أمك، وتأمرك بالعودة من جديد لأنك ستبرد
وتصاب بالبرد، فهي من سيسهر عليك ليلًا.. كما تسير الأمور. فلا تظن بأنّ شخصا أخر سيقوم برعايتك غيرها، لكنها الآن تعبة.. ولا يمكنها الإعتراف بأنها تريد إعتزال دور الأم المثالية التي رسمتها الكُتب وإعلانات التلفاز والجرائد، و راديو الصباح الذي يتحدث كل يوم عن الفطور الشهي الذي تعدّه الأم كل صباح لأبناءها قبل ذهابهم للعمل.
لكنك تصعد على أيّ حال. و هناك، ستستقبلك الحمامات الرمادية، فليس ثمة من حمامة بيضاء. ثمّ هناك -وعلى حسب المخطوطة التي وُجدت أمام عتبة الباب- في الزاوية سلم حديدي أخر عليك صعوده، وإلتقاط صورة من السطح، ثم العودة للجلوس أرضا، والتطلع في الصورة لمدة عشر دقائق.

التساؤولات الواردة: تساؤل واحد:
كيف لكل هذه الأشياء أن تتشكل وتتغير في لمحة من البصر؟.


كان عليّ أن أصنع يومًا من اللا يوم.. أن أجلس في الخارج، أعني السطح لتحسس الريح قليلا.. ربما تغيرت هي أيضا بفعل الجائحة الجديدة. لكن الرائحة كما هي، رائحة المدينة الأقل عفونة الآن، والأكثر هدوءًا.
أثناء إنتهائي من قراءة المقالة، قلت في سريرة نفسي: تبدو طريقة صناعة يوم صعبة جدا. لم يكتب الكاتب طريقة معينة، ولم يرفق ملف إلكتروني لإتباع الإرشادات.. فقط ذكر في النهاية وبعد بديهيات عدّة “إبتسم، وإصنع يومك داخل أربع جدران بكل سهولة..” ضحكت، الأمر سهل للغاية إذا! الإبتسامة.. أول شيء.. ثم… ماذا بعد ذلك؟؟.. لما توقف عن الكتابة؟ في نهاية الصفحة إعلانات إعلانات ولا علامة لتكملة للمقالة مستقبلا!. ربما نسيَ ذلك.. ربما هو منشغل في صُنع يومه. يشكله مثل عجينة بين يديه.. أوه، ليت الأمر بهذه السهولة.
جلست كما البقية أحسب عدد أيام الحجر… أقصد عدد أيام بقائي في المنزل منذ بدء الحظر، حتى وقتنا الحالي شهر وأسبوع.. قمت بإضافة الأيام التي سبقت الإعلان. لا أذكر بأنني قد أنزعجت من بقائي في المنزل لمدة شهر في رمضان مسبقا؟.
قبل الحظر:
كنت جالسة وحدي على طاولة المجانين الفارغة، التي تقيم بإستمرار حفلة لشرب القهوة، حيث الوقت يشير دائما إلى الخامسة والنصف مساء، موعد شرب القهوة. لا مكان إلا للمتخاصمين مع الوقت. الفارغين. متحركة بإستمرار حول الطاولة، ومن الخارج يمرّ بعضهم، مسلما وذاهبا في طريقه.. بدا الأمر مرعبا إلى أن أعلن الحظر، وجلس الجميع على الطاولة معي. الآن أبتسم.


السابع من إبريل:
تاريخيًا، يرتبط الرقم بذكريات سيئة.. تذكرت الأمر صباحا. بحسب الهاتف فقد نمت سبع ساعات في السابع من إبريل، مع ملاحظة صغيرة: حافظي على مسار نومك المنتظم قدر الإمكان.


وصف الغيوم:
لا يمكنني إلا أن أذكر شيمبورسكا: عليّ أن أسرع أكثر، فبعد هنيهة لن تكون ماهي عليه.


ملاحظة في وصف الغيوم:
تشكلت أولا ككتل منفصلة عن بعضها البعض كأن خصامًا دار بينها. وبين إلتفاتة وأخرى عادت إلتصقت ببعضها، مشكلّة كتلة قطنية كبيرة، تغطي السقف. الغيوم تتراقص، أحيانا تقترب، وأحيانا تبتعد.. وأحيانا تمتد مشكلّة سُحب رقيقة جدا، إستأذنتها الشمس لتكوين فوهة في المنتصف للسماح بأشعتها بالدخول. الآن، جزء منها رمادي والأخر أصفر. إنها تُمطر.

غروب شمس السّابع من إبريل. كان وداعًا حافلا ملؤه الدهشة، والمطر.

أثناء العودة: لتغلق الباب عليك أيضا أن تعود من حيثما جئت، من نفس الطريق، أن تنزل من السلم الحديدي، وأن تغلق الباب بكل ماتملك من قوة، ستفكر في أخذ ماتركته أمام الباب أثناء دخولك أول مرة، لكنك ستتركه ورائك، و تنزل من الدرج، ستسألك والدتك إذا ماشعرت بالبرد في الخارج، لكنك ستنكر ذلك وقد تطلب لمس يديك للتحقق، وربما قد تنجو من ذلك. لكنك في النهاية، ستعود لسريرك متكورا حول نفسك من دون تساؤولات.. لأول مرة، هدوء المدينة يملأ رأسك بالسكينة، ويجعلك تكتب.. من دون تأفف، ولا تأملات في كيفية العيش في الريف والإعتزال فترة عن العالم من أجل الكتابة، وإنهاء نصوص معلقة.

الجميع يريد إمتلاك راديو أمي الصغير

Illustrated by: Toni Demuro

لا أدري كيف فاتني شراء هاتفٍ بلا راديو
لقد درست الهاتف جيدًا قبل شراءه
لكني لم أنتبه إلى ذلك..
إعتدت في الصباح تشغيل الراديو
والإستماع إلى الموسيقى، والأخبار.
الأن، صباحاتي هادئة.
كتبتُ رسالة إلى الشركة:
“هاتفكم رائع، وبه قلم،
وفي الصندوق أشياء كثيرة،
لكن ليس به راديو.. الرجاء إعادة النظر في ذلك. هاتفكم ليست به حياة”
رسالة سخيفة،
قمت بحذفها..
ليست به حياة.. إنه هاتف!
إنه راديو!
بإمكاني تنزيل تطبيقٍ ما من المتجر
والتوقف عن النواح.
لكنّ الأمر لم ينجح..
كنتُ أسيرةً لشبكة الوايفاي!
وشعرتُ بأنّ رأسي مكبل بطريقة ما.
فشكوتُ الأمر لأُمي.
قالت لي: “لا تشكي همّك.”
“خذي الراديو الخاص بي بجانب رأسي.”
راديو صغير،
على شكل جرو بنّي اللون وأنفه أحمر،
وبه مصباح يضيء عتمة أيامي.
وراديو يؤنس وحشة صباحاتي.
حمِلتُ الراديو،
كمن رزق بمولودٍ جديد الآن.
وأبي ينظر إليّ
وإخوتي ينظرون إليّ..
حَلُم الجميع بذلك الراديو.
لكنّه أيضا،
وبعد عدة صباحات متتالية..
توقف عن إلتقاط الإشارات
وبدأ بالنباح.
حاولتُ إسكاته
وتغيير موضعه.. لكنّي لم أنجح.
وضعت كوب القهوة جانبا
برنامجي الصباحي على وشك البدء.. والراديو لا يريد العمل!
وتوقفت عن أكل قطعة البسكويت..
إنتظرت الوقت الملائم
وإتصلت بالبرنامج الذي أستمع له دائما.
أحتفظ برقمهم في ذاكرتي
حتى لا أضيع
صباح الخير” قالت المذيعة
لم أستمع لما قالته
لكني قلت لها: إشتقت لكم. أنا الأن بلا راديو، وأتمنى لكم السلامة.
قاطعتني: خففي عن نفسك. لا بأس بحياة بلا راديو.
أغلقتُ الهاتف مباشرة.
ووضعت رأسي بين يدي
وإحتضنت الجرو الصغير.

Listen to Varför mår jag dåligt? by Jakob Lindhagen on #SoundCloud
https://soundcloud.com/jakoblindhagen/varfor-mar-jag-daligt

أول تدوينة من جهاز الحاسب المحمول الجديد..

شعور غريب جدا أن أكتب مباشرة من اللابتوب، لم أجرب الأمر إلا مرات معدودة، لا أتذكر حتى بأني كنت أنشر مباشرة، احتفظ بما أكتبه عادة كمسودة ثمّ أقوم بقراءته وتعدليه من الهاتف ثم أنشر-أيضا- من الهاتف. كل أفكاري أدونها مباشرة في الهاتف، لا أستخدم القلم ولا الأوراق، حقيقة إن الأمر متعب قليلا. إختزال كل هذه الأفكار كتابة على ورقة.. يا إلهي تخيل الأمر وحده يرهقني. والدي يفعل ذلك، أحيانا أثناء ذهابنا في السيارة يتوقف بنا فقط ليسجل كلمة أو نص طرأ في رأسه. هو شاعر بحسب مايقول، تائه دائما في بحر أفكاره.

حسنا، البارحة قمت بشراء جهاز لابتوب جديد، الأمر مختلف هذه المرة، كنت أتشارك الجهاز الأول مع العائلة، لكن الآن استقليت، الأهم من كل هذا بأني قمت بشرائه من مالي الخاص. أمر بالنسبة لي يستحق الإحتفاء به.

كنت أريد كتابة قصة قصيرة جدا كأول تدوينة بإستخدام الجهاز الجديد، لكني عدلت عن رأيي، لذلك قررت مشاركتكم هذه التجربة من باب مشاركة الأفراح والأتراح.

وأنا في خضم كتابة أفكاري المنسابة توقفت: قلت لنفسي.. “ماهذا الذي تكتبينه؟”

مالذي حدث منذ بداية العام؟ لاشيء يستحق الذكر، قليل من الضياع بعد التخرج، محاولات جاهدة لتجنب السقوط في هاوية إكتئاب مابعد التخرج، أُلهي نفسي في البرنامج التدريبي الذي قدمته الجامعة لنا، أحاول قراءة بعض الكتب، حتى الآن الكتاب الوحيد الذي أعجبني حقًا هو لبودلير “الفراديس المصطنعة في الحشيش والأفيون” أقرأ حاليا هكذا تكلم زرادشت منذ قرابة الشهر، لم أكمله حتى الآن.. لا رغبة لي في القراءة حقيقة.

على مهلي. كل شيء على مهلي.

توقفت عن دراسة اللغة الإسبانية، شعور إحباط.

أخر فيلم شاهدته: كوري “little forest (2018) ” يستحق المشاهدة.

أخر شخص تشاجرت معه… ممم لا أذكر، الكثير.

شعور غالب على نفسي هذه الفترة، سعادة ممزوجة بالقلق. ألا يمكن فصلهما عن بعض؟

لا خطط هذا العام، فقط أريد النجاة.

أوه، تذكرت.. منذ عدة أيام ذهبت لحدث تاناروت “بدرون” لم يعجبني كثيرا، ذهبت تحديدا من أجل الشعر، لكن قليل من الشعر والكثير الكثير الكثير جدا من الموسيقى. كما أنّي أدركت بأني سيئة جدا في اللقاءات الإجتماعية. هل سأعيد الكرّة؟ أول حفل موسيقي مباشر وأول إلقاء شعري مباشر؟ هل سأعيد الكرّة؟ لا.. لا أظن ذلك.

لذة التجربة لأول مرة، يصاحبها أيضا، وكالعادة.. شعور بالقلق. هه.

موسيقى أستمع إليها أثناء الكتابة مؤخرا؟ ألبوم: Anne Lovett – The Eleventh Hour.

ملاحظة أثناء السهو على طنجرة الأرز:

وضعت ملعقة معدنية في قدر الأرز الذي تفوح منه رائحة شياط. كلما زادت الملاعق، زادت فرصة ذهاب الرائحة. تمتص الملاعق الرائحة السيئة من حبات الأرز، لكن ما إن يغرف في الصحون.. و يقدم على الطاولة أو السفرة.. لا يهم حقيقة… حتى تبدأ الحبات المحترقة في قاع القدر بالظهور. حبات أرز سوداء، ملتصقة في قعر القدر.. تبدأ المحاولات الفاشلة في تجنبها، ولكن بعضا منها ينسل ويهرب إما على سطح ملعقة الغرف الخشبية، أو الغطاء، أو سقوطها على طاولة أو حتى منشف. سقطت حبة أرز وإختفت تحت الغاز. صغيرة، رائحتها كريهة.. تجنبتها الحشرات الدقيقة. والفطريات، تعازمت العيش عليها.. نجت ايضا من المكنسة.. والماء والصابون بأعجوبة.

أحيانا أتخيل نفسي مختنقة من حبل أفكاري.

ملاحظة أثناء تذكرها بأول مرة أرادت فيها اللعب على الأرجوحة إنقطعت الحبال وضحك الجميع عليها:

لقد أخذت وقتًا طويلا

لتكتشف بأنها كلما لمست شيئا

تحول الى رماد.

لم تنتبه لذلك

إلا بعدما

إستيقظت من سُباتٍ عميق

لتلتفت خلفها

وتجد كل شيء تحول إلى رماد

الأشجار

العصافير الصغيرة التي تنتظر أمها

الفراشات إختفت

الأرانب البريّة

أزهار اللافندر البنفسجية

كل شيء،

الممرات والطرق والبيوت

الأرواح التي سكنتها

وقطتها السوداء المفضلة.

—-

مساحة بيضاء لكتابة شيء أخر.

صور إلتقطتها هذا العام وأحببتها:

صورة لدعسوقة ذات سبع نقاط، بطلة القصة الفائتة:

صورة لزهرة على وشك التفتح..

قليل من الحرية وأشياء أخرى:

في كثير من الأحيان، أثناء تعليق بصري ناحية السماء أتذكر قول مايا أنجيلو: الطائر الحبيس، يغني عن الحرية.

أخيرًا، كالعادة.. لم أكمل كتابة التدوينة من اللابتوب، بل أتممتها ونشرتها من الهاتف النقال.

أعرف.. ولكن.

Art work by: Charlotte Ager.

.

أعرف ان لاشيء من هذا سيحدث
لكنني أحلم على أية حال.
أعلم بأن ثقبا سينخر جمجمتي
لكنني أفكر على أية حال.
أعرف بأن قطع من الجمر تملأ معدتي
لكنني أقلق على أية حال.
أعرف بأن أصابعي ستتيبس
لكنني أكتب على أية حال.
أعلم بأني ربما سأمزق طبلة أذني
لكنني أستمع على أية حال.
أعرف بأن عنكبوتا سيبني بيتا على فمي
لكنني أفضل الصمت على أية حال.
أعلم بأن جسر قدماي سينكسر
لكنني أستمر بالمضي قدما على أية حال.

ملح تشرين الأول..

Art work by unknown.

مالذي يحدث بعد شروق الشمس؟
تستيقظ العصافير لتزقزق.
ماذا عن الغيوم في السماء.. المتراكمة..
قادمة من أين؟
مخلفاتُ معركة من الليلة السابقة..
ربما.
لكن من أين تأتي الأمطار؟
تنهمر من عيون أم ثكلى
أو من فتاةٍ فُقدت داخل لوحة
ربما أيضا، من طفلة دُفنت طفولتها
تحت التراب مبكرًا.
أمطار تشرين الأول
تختلف عن سابقاتها…
تزن حباتها المتساقطة
خمسة كيلو غراما
يفصل الماء عن الملح
يستقبل الرجال تلك الأمطار
بأكياس كبيرة.. جامعين أكبر قدر ممكن.
إنه موسم الملح،
وموسم الحرث إقترب.
لازالت تتسائل..
من أين تتساقط الأمطار؟
لا معطف يحمي منها
ولا مظلة
ولا يد تمسح الضرر
ولا قبعة..
لؤلؤ متناثر..
على خدِّ كل فتاة
لؤلؤ مرتب أفقيا..
أسفل أجفان العجوز.

الشعور بالكتابة. كيف؟

Art work by the lovely: Kathleen Lolley

عندما أتحدث عن الشعور بالكتابة، فإنني مؤخرًا دائما ما أشبّه الأمر بوجود عثّة قمرية في معدتي.. لا تتحرك إلا عندما أفكّر. تريد الخروج، تحاول كثيرًا، لكنّها عالقة بين الكلمات والأحرف المبعثرة. تتوقف عن الحركة بتوقفي عن التفكير. ثم وما إن أبدأ بوضع كل مافي رأسي على ورقة، حتى تبدأ تخف حركتها شيئا فشيئا.. أشعر بها الآن أثناء الكتابة.. لا تتوقف حتى أنتهي من إخراج كل شيء. وما إن أفتح فمي للتنفس الأخير بعد كتابة أخر حرف من أخر كلمة، حتّى ترى النور المنبعث من حلقي وتخرج بإتجاهه.

شيء ما يشبه سِناج المداخن.

Illustrated by Unknown.

.

.

رأسي يطير
يحلق دائما
ثم يعود مجهدا، مثقلًا لينام على كتفيّ.
أحاول تمسيده
لكنّ يداي مكبلتان.
لا يمكنني تحريكهما.
أحمل في حقيبتي دائما
أحمر شفاه، و الغضب المتراكم بداخلي.
وبعض الأحرف المتناثرة..
بإمكاني أن أقول كلمة.. أو كلمتان..
لكن واحدة فقط معلقة في رئتاي.
تضيّق عليّ الخناق.
تتراكم كألياف الأسبيستوس يوما تلو الآخر.
وتمنع عنّي إكمال ما أريد قوله.
ح ر يّ ة
فزع الطبيب من رؤية صورة الإكس ري
ووجهه المصفر يتحدث دون صوت
بدأت الكلمات تملأ الفراغ الذي يحاوطنا
فوهة سوداء تملأ القفص الصدري
صرخت الممرضة..
إن بداخلها أمر يشبه سناج المداخن..
يأكل رئتاك شيئا فشيئا..
هل أنت حيّة الآن؟ أم جثّة على وشك السقوط؟
تنفسي
تنفسي
ببطء شديد، حتى تخرجين مافي داخلك
ليس ثمة علاج لذلك..
لكن توقفي عن إستخدام الكلمات
ثبتي رأسك بدبابيس على كتفيك جيدا
ثم لُفيه بحبل وثيق يمتد حتى قدميك
وضعي عليه منشفة.
ولا تفكري..
توقفي.
حتى تخرجي مافي صدرك
حرف الحاء
ثم الراء وهو الأصعب.
يليه الياء..
ثم التاء المربوطة
ستشعرين بأن أمعائك على وشك الخروج
لكن.. ليس ثمة علاج لهذا أيضا.