
لم يكن ثمة إلا حل واحد لهذه المشكلة، فقد كانت الأم تخاف بشدة أن يبلتع القمر ابنتها، وعليه، قامت بلصق عينيها بغراء.
لكن الصغيرة أخذت لياليها تبكي بكاء حادًا كلما دقت الساعة معلنة ظهور تلك الدائرة المضيئة التي تتوسط السماء. فلم يكن لأحد من أهل القرية إلا أن يسدل ستائر منزله وألا يخرج منه إلا عند الضرورة ناكسًا رأسه. لم يكن أحد منهم يريد رؤيته. ولم يكن أحد يريد أن يموت تحته.
أذاب دمعها الغراء، و رويدًا رويدًا.. بدأت تشعر بمايختبئ خلف الغيوم ليلًا. يلقي بخيوط مضيئة لتمد لها الطريق لتتبعه، ومشت تهتدي بخطواتها نحو نجم كبير.. ومغمضة عينيها، أخبرت أمّها بأنها ستذهب لإحضار الخبز ثم تعود بسرعة.
بدأت تعد خطواتها حتى ابتعدت عن المنزل وتوقفت عن العد.. أخذ الخباز يصيح من وراءها “أخفضي عينيك، لا ترفعي رأسك..” لكنها.. بدت كمن انفصل عن من حوله.
ولأول مرة، رأت ذلك النجم بوضوح.. فأخفضت الأشجار أغصانها، وأزاحت الغيوم نفسها عن الطريق، وسكنت الغربان. مدّت أصابعها الصغيرة تلمس سطحه الخشن البارد، غطّت الخيوط المضيئة جسدها حتى سكنت حركتها.. واختفت.