يوميّات (١٢)

٩ أيام مرّت من مارس.
إنتهى فبراير منذ تسعة أيام. خضت تجربة قصيرة، تحدثت فيها مع الكثير من الغرباء.

أشعر أحيانا بأنني أحلم.

الإمتحانات النصفية إقتربت، ستكون أخر إمتحانات نصفية أجريها خلال مسيرتي الجامعية. الطريق قاربت على الإنتهاء.

أكره الفوضى الصباحية.
الصوت، يجب أن يكون هادئ صباحًا.
كل الخلافات تؤجّل للمساء.
أفكر.. لما لا ينخفض صوت المرء تدريجيا كلما إرتفع صباحا؟. ينخفض الصوت لوحده، هكذا.. لأنه تعدّى على قدسية-سكينة وهدوء- الصباح.

شكّي في محله!
لا أحب الأشخاص الذين لا يعرفون ما يريدون. الغير مستقرّين. أهدافهم الشخصية غير محددة.

أود أن أتوقف عن كوني إنسان لطيف. الكثير يُسيء فهمك.
تبًا لهم.. لن أتوقف عن ذلك!.

توقفت عن القراءة، وعن دراسة الإسبانية. الوقت ضيّق. وأشعر بالتعب الشديد والإرهاق.
أتمنى أن يمضي كل شيء على خير.
أشعر بالقلق.
أكلت أشياء غير مفهومة اليوم.

//

الجزء الأول إنتهى ليلة البارحة.
الصباح، الساعة التاسعة.. السبت. الجو هادئ، عدد السيارات المارّة في إزدياد. لا بأس، صوت العصافير يدوي في المدينة.

أشعر بأني خفيفة، لا حِمل على كتفي. شعور مؤقت، يبدو بأن الثقل إنزاح ليُعدّل جلسته، لكنه لم يعد.. قريبا سيعد.

نمت وإستيقظت بالقلق نفسه.

لن أضغط على نفسي، وسأعطيها الوقت الكافي للتماثل. لكن المرة هذه قد طالت.
طال العزاء.
مللت القول بأني حزينة، الآن أريد أن أزيل هذا الشعور. كيف؟.
خطة اليوم:
أدرس public health pest management ثمّ أُنهي أخر محاضرتين من ال Environmental Emergency.
توقفت عن مشاهدة الأفلام.. لكنّي سرقت وقتا وشاهدت فيلم Macbeth مرة أخرى. المسرحية، والفيلم من المفضلات. أحب شخصية الليدي ماكبث كثيرا.
يبدو لي في أحيان كثيرة أن يومي فارغ، وأنا فارغة.

//

١١ مارس.
إنتهى التدريب في المستشفى، نتيجة مُرضية ومعلومات قيمة، ومعاملة حسنة من العاملات.
في الليل أفكر، كيف لي أن أسخّر حياتي في العلم؟ أريد العيش في مختبر. قررت.

قرارات ليليّة، ستتبخّر ببزوغ شمس الصباح.

درست قليلا من الصحة المهنيّة أثناء جلوسي في حديقة المستشفى، أمضيت ساعة كاملة بصحبة غريبة.. تدرس بجانبي، بصوت عالٍ. يا إلهي ماهذه الثقة أقول لنفسي، تجذب الأنظار لنا. لكنّي لا أمانع ذلك حقيقة. يمر البعض، يدعو لنا الأخر. بالتوفيق. أرد: آمين.
ثم إلتفتت وإعتذرت عن صوتها المرتفع، ثم أخبرتني بأنها صائمة. قلت لها لا بأس لا أمانع، لكن هوّني على نفسك قليلا فأنتِ صائمة!
عند ذهابي، توادعنا. ثم طلبت منها الدعاء لي. أحاول جمع الأدعية على قدر ما أستطيع. الإمتحانات إقتربت.. الأحد إقترب. والتوتّر في إزدياد.

مالذي حدث طِوال الأيّام السابقه؟ هاه.. يختفي كل شيء في رأسي بمجرّد وضعه على المخدة والنوم.

في حياتي، أستخدم علم الوبائيات كثيرا. كل الأحداث قابلة للدراسة. كل الأحداث وكل التجارب.

يمتلك قلبًا كبيرا. أشعر بالإطمئنان. لا أعرفه.

نبتتي بدأت تزهر، تفقدتها في الصباح وشعرت بسعادة غامرة.

بدأت بالتخلص من كل الذين لا يفكرّون إلا في أنفسهم، لم أعد أعطي الفرص لهم لإستغلالي. أمر جيّد وحسن. هؤلاء، يقومون بإستنزافك. آه.. كم أمقت الذين لا يفكرون إلا في أنفسهم.

أشتكي صمتي المريب في كثير من الأحيان. لا أعرف ماذا أفعل بهذا الخصوص. الكثير يشعر بالملل بقربي. لكنّي لا أعتذر عن ذلك.

Charm is a way of getting the answer yes without asking a clear question. -Albert Camus.

//

١٣ مارس.
قرأت خبر عشوائي إختاره لي القوقل عن إنتحار إحدى لاعبات الأولمبياد في سباق الدراجات كيلي كاتلن عن عمر يناهز ٢٣ عاما. صغيرة! خبر محزن جدا.

//

١٥ مارس.
في الليل أفكر، لا أقوم بفعل شيء أخر عادا التفكير. أمضي وقتي في التفكير والصمت. لا يمكنني مشاركة ما أفكر به، ليس لأنني أخجل من ذلك أو لأن الأمر يخصني، بل لأن الكلمة لا تتكوّر في رأسي وتخرج من فمي.. في جملة واحدة. لا يخرج شيء، كلما حاولت المشاركة تلعثمت.. تعثرت الكلمات وتكوّرت وخرج صوت غير مفهوم. لذلك أفضل الحفاظ على ما أفكر به في رأسي، على أن يُساء فهمي.
قررت أن أقوم بفتح شعري، وأن أدع الريح تتداخل بين ثناياه.. شعور لا يُوصف، لطيف للغاية. كانت الشمس الدافئة تسلّط شعاعها على وجهي وتتخلخل بين خصلات شعري.. وددت لو تطول تلك اللحظة.
أول أسبوع من مارس يمضي.. باقي الأسابيع ستكون مليئة بالإمتحانات.

//

١٨ مارس.
مرت الأشهر بسرعة، توقفت عن العد. لازلت أنام وأستيقظ على نفس الشعور الحزين الذي يُغلّف قلبي ويمنعه من التنفّس.

مضى يوم من الإختبارات. سيء للغاية على الرغم من أنني درست جيدًا.

//

٢٠ مارس.
لم يحدث شيء.

any girl can look glamorous, all she has to do is stand still and look stupid. -Hedy lamarr.

النّاس غير عقلانيين، وغير منطقيين وأنانيون. فلتحبّهم على أي حال. لو قدّمت الخير سيتهمك النّاس بأن لديك دوافع خفيّة أنانيّة.. فلتقدّم الخير على أيّة حال. أهم النّاس ذوو أهم الأفكار، قد يثبط عزيمتهم أحقر النّاس ذوو أحقر الأفكار. فلتطلق العنان لأفكارك على أيّة حال. ما تبنيه لأعوام قد يتدمّر بين ليلة وضحاها.. فلتبنِ على أيّة حال. قدّم للعالم أفضل مالديك، وستُبرح ضربًا، فلتقدّم للعالم أفضل مالديك على أيّة حال. -هيدي لامار.

الحسناء التي لم ينصفها العالم.

//

٢٩ مارس.

أحتاج إلى القليل من الموسيقى لأكتب. القليل من صوت البيانو والكمان ولا بأس بالكثير من التشيلو.
طوال الأيام الماضية كنت منشغلة بالدراسة والإمتحانات. أوشكت على الإنتهاء. في كل يوم أقول لنفسي سأكتب تلك الأحداث وتلك. ولكني أنام ولا أكتب شيئا، وفي صباح اليوم التالي.. أستيقظ فارغة الدماغ من ذكريات اليوم السابق.. أوه، كلام مكرر!

مارس.. شهر متقلّب المزاج. اليوم ماطر وبارد، البارحة كان طقسا غريبا.. ريح وأتربة في الجو.

كان كل مايتطلبه هو إبتسامة، وإلقاء بعض النكات للحصول على ما أريده بطريقة مباشرة أوه.. لم أكن أعلم بأن الأمر بسيط بهذا الشكل.

مالذي أريده تحديدا من البشر؟ لا أعلم.. ولكن كل ما أريده أن يتركونني وشأني. إنهم في كل مكان.

وأنا في الطريق إلى الكافتيريا في الصباح، فكرت بصوت عالٍ ثم إنتبهت لذلك. يجب أن أخفض صوت أفكاري، حتى لا أقع في المشاكل.

قرأت لهيرمان هسّة.. روح الطبيعة تسكنه، كلماته الساحرة آسرت قلبي. وأشعر في كل مرة أفتح فيها كتابه بالسعادة الغامرة والبهجة لقراءتي هذه الكلمات.
يقول مطابقا ما أفكر به دائما: كم هو بغيض أن يتعيّن على المرء أن ينهض من جديد في الغد، ليأكل من جديد.. ويعيش من جديد. مالذي يدفع الواحد منا للمضيّ في الحياة؟ لماذا نحن طيبّون إلى هذا الحد من البلاهة؟ لماذا لم نلقِ بأنفسنا في البُحيرة منذ زمنٍ بعيد؟.*

إن أسوء مافي الحياة هو الإستمرار في القتال والمكابدة.

شاهدت فيلمان وثائقيان، سرقت لنفسي بضعة ساعات أثناء دراستي للإمتحانات. لدي وقت فراغ كبير، وإستراحتي من الدراسة هي قراءة كتاب ما أو مشاهدة فيلم..

كتابات سيئة.. الكلمة ليست في صفّي الآن!.

لما كل هذه المسميات العلمية القبيحة لكل شيء؟.

حصلت على إصّيص من الزهور الصفراء لتزيّن حديقتي السريّة. أوه.. يا له من أمر يسعد القلب أن تنتظر تفتح الزهور. يا له من أمر يحزن القلب أن تذبل الزهور فجأة دون وداعك. ولكنك تنتظر عودتها متيقنًا بأنها ستعود، ولن تخذلك.

بعض من الصور التي إلتقطتها لحديقتي الصغيرة:

أريد العيش بين الزهور. بين الأغصان والجذور.

إنتهى شهر مارس.. وبجانبي فنجان قهوة، وقطعة حلوى وذبابة صغيرة تتقيء طعامها على الطاولة. وموسيقى شوبان في الهواء..

Listen to Chopin – Nocturne Op. 72 No. 1 by reminiscience #np on #SoundCloud

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s