١١ يناير ٢٠١٩:
حمّام ساخن لمدة نصف ساعة كفيل بمسح كل مساوئ العالم.. على الأقل بشكل مؤقت. تذكرت سيلفيا بلاث، تقول عن الحمّام الساخن في روايتها الناقوس الزجاجي وعلى لسان بطلتها إستر غرينوود:
“لابد أن ثمة أشياء لايمكن لحمام ساخن ان يعالجها. لكنني لا أعرف الكثير منها. فكلما شعرت بالحزن لمفارقة الحياة، أو حين أتوتر إذ يجافيني النوم، أو حين أعشق شخصا ما ولا أتمكن من رؤيته أسبوع، تجتاحني مشاعر الكآبة. ثمّ أقرر أخذ حمّامِ ساخن”. إذن، بأيدينا الحل، الحمّام السّاخن. أحب رواية الناقوس الزجاجي، وشخصيّة إستر قريبة جدا لقلبي.. إنها تمثلني، قرأت الرواية عدة مرّات.. وفي كل مرة أكتشف شيئا جديدا. وددت شراءها ورقيّة، ولكن عندما وجدتها بالنسخة الإنجليزيّة في إحدى المعارض، لم أكن أملك المال الكافي لشراءها. ثم لم أرها منذ ذلك اليوم. لازلت أذكر تلك اللحظة، وقفت أمامها متسمّرة، واعدة إيّاها في سرّي بأنّي سأعود.. لكنني لم أجدها. ممتنّة للكتب الإلكترونيّة، لكن حتما الحصول عليها كنسخة ورقيّة أمر في غاية السعادة.
وصلت للفيديو رقم خمسة في سلسلة الفلسفة للآخوين غرين. كان الفيديو يتحدث عن ديكارت ومفهوم الشّك. كنت قد إشتكيت هذا الأمر مسبقًا، أنا حاليا في مرحلة شك في كل شيء تقريبًا. لم أعد أناقش، أو أطرح مواضيع.. أحتفظ بكل شيء لنفسي. أقرأ/أشاهد/أسمع.. أحلل.. ثمّ أستنتج.. أخيرا أقوم بوضع كل تلك الإستنتاجات جانبًا لحين إشعار آخر.
قرأت قليلا من الإسبانية عند المساء، الدرس يتحدث عن الإتصال بشخص أخر دوليا. أحيانا أتسائل لما أتعلمها؟ لا أدري.. ولكنّي حتما سأحتاجها يوما.
لم أكتب شيئا عن اليوم السّابق، يوم فارغ رغم أنه مليء بالنّاس والرفقة الطيبة ❤️.
تذكّرت!
وحيدة في الممر، أمشي بسرعة لأصل إلى كافتيريا الجامعة، ولأبرهن بأنني على إستعجال في الطريق الخالية الممتدة للمقهى. تلتفت فتاة تمشي أمامي، تتوقّف قائلة: معلش، نقدر نمشي معاك؟. “أكيد” أردّ قائلة.. “كنك، خايفة؟”.
تضحك، ثمّ ترد “لا، بس مانبيش نمشي بروحي علشان الشباب. و مانبيش نخش للكافتيريا بروحي”.. أضحك أنا بدوري “آه، سنة أولى!”.
حقيقة لا أذكر وجه تلك الفتاة، كنت أنظّف المطبخ عندما تذكرت الحوار الذي دار بيننا، لكنني فزعت عندما لم أتذكر شكلها. كل ما أعرفه بأنها تدرس السنة أولى صيدلة، وفي نفس ذات الوقت تدرس الهندسة في إحدى الجامعات الخاصة. الأول لتحقق حلم والدها، والثّاني لتحقق حلمها. يا إلهي.. أي والدين يزيدون الحِمل على أبنائهم ويحملوهم مسؤوليّة تحقيق أحلامهم البائدة. يا إلهي.. أيّ سعادة كاذبة يعيشها الأبناء في تحقيق أحلام أبائهم ناسين أنفسهم في خضم معارك الطريق!.
تمعضّ وجه الفتاة عندما قالت بأن الصيدلة هي ما يريده والدها. ولكنها كانت سعيدة عندما تحدثت عن ما تريده.
إفترقنا عند وصولنا لفم الباب، ذهبت لشراء كرت شحن، وهي للقسم الخاص بالفتيات، متمنين لبعضنا التوفيق.
لا أذكر وجهها أبدا.
أحاول فتح باب جديد.
الله لطيف، و كريم.. وحبيب.
الإيمان كل شيء.
الحُب.. بلا مُقابل.
الكُرم.
أن يكون أقرب النّاس مجرّد عدو.
لا زلت غاضبة.
//
١٢ يناير ٢٠١٩:
بداية يوم مشمس، ثمّ غائم وماطر، ثمّ مشمس ثمّ ماطر.
المرحلة الحالية:
سوزان سونتاغ:
الخلاف لا يُمحى، لكنّه يُحجَب بإتفاق الطرفين.
//
الكثير من الصّور.. الكثير من الدفء.