داليدا (الحياة لم تعد تُحتمل).

image

لا يمكنني أن أمحو صورة داليدا وهي تغنّي على المسرح، بصحبة مجموعة من المصفقين لها، في أغنيتها الجميلة ( Gigi L’amoroso ) إنها جميلة، جميلة جدا، ومليئة بالحياةِ والحُب، أخّاذة وتُلهب الحماسة في المشاهد/المستمع.. كانت تلك أول مره أشاهد فيها داليدا التي لم أكن أعرف بأنها تغنّي بغير العربيّة، ولم أكن أحسب بأنها بهذا الجمال حتّى تلك اللحظة. أخذت أردد وراءها وأنا لا أفهم شيئا مما تقوله عادا جزئية ( Chante Gigi,  Chante)  كنت أشعر كأنها تحثّني للغناء والتصفيق أكثر معها، وبأن أتغلغل في الموسيقى المنبعثة من صوتها وأمتلئ بحبّ الحياة وأكثر.

الأغنية الجميلة، بمثابة قصّة تسردها لنا داليدا عن جيجي جيوسيبي، الذي تغرم به نساء القرية وتعشقه حد الجنون. تلقبّه النساء بـ جيجي العاشق. له صوتٌ جميل عذب، يأسر به قلوب النساء في القرية، وليست النساء فقط من كنّ متيمات بـ جيجي بل الجميع.. الأشجار والسماء، وكل مخلوق على أرض تلك القرية الصغيرة. كان جيجي ينقل مرضه بحب الحياة للجميع عندما يرتفع صوته عاليا.. إلى أن جاء ذلك اليوم الذي عرضت فيه إحدى الثريات الأمريكيات عليه أن يسافر معها إلى هوليود، وعدته بالعديد من الأشياء، وبأنه سيصبح مشهورا أكثر، ويحقق نجاحات هائلة!
ذهب جيجي، وذهبت مباهج القرية، وودعوا صوته بالمناديل والدموع عند محطة القطار. وأقفلت نوافذ المخازن، وأغلقت أرملة العقيد المكتئبة نافذتها، وذبلت الأزهار من بعده.
وبعد خمسة فصولٍ من الشتاء والصيّف، ومرور الأعوام ببطئ، تشجّع أهل القرية على المضي قُدما، وتوقفوا عن الإنتظار.
وفي ليلةٍ مظلمة حالكة، وبعد نسيانهم آلات الموسيقى الخاصة بهم، سمعوا صوتا قادم من بعيد، حزين “كـ دمعة، كـ تنهيدة “ “أنصتوا جيدا!“
إنّه جيجي لقد عاد. إنه يبكي، يبكي لأنهم لم يفهموا ماذا يقوله في أمريكا. وهل كنت تظن بأنك ستنجح في أمريكا؟ “ﻭ ﻫﻞ ﻳﻔﻘﻪ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﻮﻥ ﻓﻲ ﺷﻲﺀ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺮﻭﻙ ﻭﺍﻟﺘﻮﻳﺴﺖ؟“
لا تبكي ياجيجي، أنت تنتمي إلينا، إلى هُنا.. أنت إبن نابولي، ولازال الجميع يُحبّك حتى بعد أن غادرتنا، سيحضرون الآلات الموسيقيّة وتعود لتغنّي من جديد. لمن يحبّك، لـ جمهورك الحبيب.

غنّي ياجيجي، ولاتتوقّف عن الغناء، أسمعهم صوتك، وأفتنهم جميعا.

الحسناء الجميلة، أنهت حياتها منتحرة بجرعة زائدة من الأقراص المهدئة، أخر ماكتبته:
“ﺳﺎﻣﺤﻮﻧﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﺤﺘﻤﻞ“.
ومفهوم الأغنية تغيّر تماما بعدما علمت بأنها أنهت حياتها بنفسها. لن ينتابني ذلك الشعور بالفرح الغريب، الذي إختبرته في تلك اللحظات مجددا. كيف لشخص يغنّي بهذه الطريقة أن ينهي حياته بهذه السرعة؟. ومع كل هذا، إنها من الأغاني المفضلة.

قبل أن أنسى.. وداعا جيجي، فالترقد في سلام.

رأي واحد حول “داليدا (الحياة لم تعد تُحتمل).

  1. في إحدى الأفلام الفرنسية العميقة والقريبة إلى قلبي تم وضع الساوندتراك “مبنيًا” على أغاني عربية، اثنان منها لداليدا. هذه بداية معرفتي بأغانيها لا باسمها المعروف بالطبع. عنوان الفيلم The Hairdresser’s Husband.

    Liked by 2 people

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s