الغريبة 1.

الغريبة الجالسة على المقعد الحديدي، تتحدث بكل حرقة عن حزنها إتجاه مافقدته في الحرب، وماتركته في منزلها.
تقول بأنها نازحة من إحدى المناطق الفارهة، ترفض ذكر إسمها لأنه يذكرها بالآلم.
ثم تتوقف عن الحديث، وتبتلع ريقها، وتحمد الله على نجاتها وأولادها، وتعيد سرد القصة من جديد.
“لم نكن نظن بأننا سننجو، تركنا منزلنا وعلى فوهته يقبع صاروخ يذكرنا بالموت والحرب.
لم نكن نظن بأننا سنعيش حتى هذه اللحظة، فعندما هممنا بالفرار، إخترق الرصاص زجاج السيارة التي كانت بجانبنا.
كل هذا رأيته بأم عينيّ.“
عيناها تغرورقان بالدموع، ثمّ تضحك.. تضحك من هول المآساة.
“نحن الأن تحت، نعيش في إحدى الضواحي، لايرحم أهلها أي شخص قادم من بنغازي، يظنون بأننا فررنا بمال قارون، كل شيء غالٍ أمامنا.. أما عن الإيجار فاللهم إرحمنا.“
نضحك جميعا، ثم نتفق بأنهم جميعا يريدون إستمرار الحرب لمصالح شخصية وماليّة.. ونبدأ بالتحدث عن المخيمات المستقبلية للاجئين، وعن بقية سُكّان المدينة الذين سينزحون عما قريب منها.
نتحدث عن الدراسة، وعن المهزلة الحاصلة في السلك التعليمي. ثم نتطرق لموضوع الكهرباء، والغاز والبيئة وكل شيء.
نتحدث عن بنغازي كأنها مدينة بحجم دولة.
نواسي بعضنا البعض، ثم يمضي كلٌ من لضاحيته.
ويبقى السؤال: “وين ماشية بينا؟”.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s