المنزل في طرف الشارع
صغير، وعلى رأسه الصغير صوره كبيرة
لم أتجرأ يوما للنظر مباشرة لها
دائما ماغضضت البصر
وأخفضت رأسي
كلما مررنا بجانبها.
ثمة إمرأة كل صباح
تخرج لكنس الرصيف
يسألها ولدها مابك؟
تردد النظافة من الإيمان ياولدي
ترفع يدها للأعلى
مرددة “يارب” وبطرف عينها تنظر إلى من في تلك الصورة.
وتبكي.
في ذلك المساء
إستنشقتُ عبير الروائح العفنة
التي تملأ المدينة
وقررتُ أن أنظر للصورة
أن أدقق في من فيها.
حتى أعرف سرّ إخفاض رأسي كلما مررت بذلك المنزل
في ذلك المساء قررتُ إنهاء القصّة.
ومررتُ بجانبه
وكانت حركة السير بطيئة جدا،
والدقائق ساعات
والصورة بها شخصان
أحدهما نظيف الهندام
والأخر من الخلف
ملتفٌ بغطاء أبيض
لونه كلون.. لا أعرف تحديدا
لكنّه نائم ولكنّ لونه كان كلون..
حقيقة;
لايمكنني وصف لون الموتى
لايمكنني النظر في وجوه،
كل أولئك الموتى من دون أن يخطر ببالي سؤال
مالذي حدث للعالم؟
مالذي يفعلونه الأن؟
أن أتغاضى عن الحزن الذي يغطّي وجوههم
أو يتهيأ في رأسي إنحناء شفتيهم وسعادتهم
في الصورة
رجلان، قبل الحرب وخلال الحرب.
أما تلك المرأة فتقول بأن إبنها شهيد
وهي سعيدة بذلك
ولكن عندما تختلي بنفسها
تتغيّر أقوالها تماما
ثمّ تستغفر ربّها.
ثم..
هي ليست سعيدة، ولكنها تدّعي السعادة.
أما في الجهة الأخرى
من بعيد ترى اليافطه الكبيرة
صورة بها رجل يبتسم ملأ شدقيه
عيناه تتلألأ
وهندامه النظيف
يمكنني شم رائحة الصابون من خلالها!
يقول:
“إنتخبوني“
“سأجلب لكم السلام“
“إنتخبوني“
ثمّ إختفى.
الأسماء المعلقة في الشوارع
هي خليط بين الأموات والأحياء
الأسماء التي تملأ الشوارع
تستنجد إزالتها.
ليزول الآلم من القلوب المارّة.
حتى يزول الندم.