غيمة خريف.

⌛.

صوت لعب وضحك الأطفال من ساحة المدرسة، يتسلّق الأسوار، ويحلق بأجنحته مستقرا في أذني، يداعب ممراتها إلى أن ترتسم على شفتيّ إبتسامة، تُهدَى لرجل غريب.

ذلك الرجل الذي تتغيّر ملامح وجهه فجأة، ولكأنه يرفض إستقبال تلك الإبتسامة. يالي من غبيّة حقًا. يمدُّ يديه إلى وجهه ويغطيها وينحني إلى الأمام، كأنه يريد قول شيء ما لي، ولكنني لا أستطيع سماعه وفهم مايقُوله!.

فصوت الضحك.. أقصد الطنين في أذني يزداد شيئًا فشيئًا، يمنعني من الإستماع لما يُدار حولي وفهم ما يحدث. فالأجساد تتمايل، تترنح والوجوه الشاحبة. مابالنا؟.

وغيمة الغبار تلك! من أي سماء حطّت؟، تحجب عنّي رؤية مايحدث من ورائها، كأنها حاجز يمنعني من الإستمرار في الطريق والذهاب إلى السوق.
أما الرجل الغريب الذي أهديتُه إبتسامة بالخطأ، بدأ بالصراخ في وجهي، ولكنني أؤمئ له وأحاول إفهامه بأني ماعدت أسمع إلا الطنين، ولا أرى إلّا الغبار وأشياء تتطاير في السماء، وأتسائل وأسأله كثيرا، ولكنه يشير لي بأن أذهب في الإتجاه الأخر الذي أتيت منه.

أشياء تتطاير في السماء.
حديدٌ وأوراق محترقة.. قبعةٌ وزوج من الأحذية، خبزٌ، وتفاح. السماء تُمطر تفاحًا.
وشيء أخر يبدو لي بأنه يشبه اليد، و و.. من ثم تعالت الغيمة وغطّت كل شيء، كأن الستار أُسدل على المسرح، المسرحية إنتهت؟.

أجلستُ ظهري على سور المدرسة، أغلقتُ عينيّ قليلًا، ثم صحوت على وجه أحدهم يسألني هل أنا بخير؟.
أنا؟ من أنا! لا لست بخير.
مدّ لي قنينة من الماء، ربّت على كتفي، قال لي تماسكي ثم ذهب ركضا وإختفى وراء الغيمة.

إختفى الجميع وراء الغيمة، وكانوا يدخلونها ويخرجون منها مُحمّلين في أيديهم أشياء لا أفهمها، يضعونها في سيارات الإسعاف التي جاءت متأخرة، ويبكون.
وصوت الأطفال تحوّل إلى صراخ، والأباء يركضون داخل المدرسة، وكيس البطاطا بجانبي ينتظر العودة إلى المنزل ليُقلى.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s