في جلسة بنّاتية منقسمة النظر بين شبكات التواصل الإجتماعي ، والشبكات الأرض واقعيّة ، متخللها سرد تفاصيل بعض المشاكل والأخبار المهمّة والتافهه من مختلف أنحاء العالم ، فقط للشعور بالرضى عن النفس ، والشعور بأنهنّ لسنا الوحيدات في هذه المشاكل والأحداث ، وبأن ثمة في الجزء الأخر من العالم فتيات يتقاسمن معهنّ طعم هذه الأخطاء اللذيذة ، يبدأ صوت الصراخ يصدح في الشارع ، فتتحرك غريزة الفضول والتطفّل بداخلهن .
ترمي كل واحدة فيهن هاتفها المحمول ورائها ، تاركات وراءهنّ كل شخص وكل شيء يتعلق بهذا العالم الوهمي ، مُلتفتاتٍ إلى الواقع ، وعلى بعد سانتيمترات منهنّ ، تتبرع واحدة بفتح سرانتي الشبّاك قليلًا ، لترى من الذي سبب هذا الصراخ ، ومالذي يحدث في الخارج ؟.
– شكلهم حرروا الصابري
– لا هذا صوت عركة
– أفتحي أفتحي خلينا نشوفوا شن في ؟
وما إن ترمي بنظرها من فتحة السرانتي التي إذا قرر صرصور الدخول منها ، سيعلق في نصف الطريق وسيموت متحسرا متيبسا ، وينتهي به المطاف في سلة القمامة … صوت الصراخ يعلو ، ولكن النظر من الشرفة لم يُبدي أي نتيجة لهنّ .
– ها شن شفتي ؟
– مش قادرة نشوف شي
– سلمك لأمك عليش اتبحتي امالا من بدري
– محمود مصبي قدام المحل حيهزبني بعدين
يستغنين عن النظر ، ويستبدلنه بحاسة السمع ويبدأن بإستراق السمع من هنا وهناك ، ملتفات حول الشبّاك ، بجوارحهنّ مسخرّات القوى الكامنه في حاسة واحدة ، لعلّ وعسى يمكنهنّ أن يتوصلن لما يحدث في الخارج ، ومن ثمّ يخترعن أحداث وتفاصيل لم يرينها بأعينهنّ في الخيال .
– تعال هنا ياحميدا يا *******
– والله نوريك جيبلي الحبلة فوق في المخزن ، يا علي وألحقني
– انوريك يا حميدا قسم بالله نهارك امطيّن
– تورّيني ؟ أصبر بس يجي عليوا
تركض الأم لمشاركتهن في المسرحية ، ويبدأن بالضحك يتبع ذلك شهقات و قهقهات وراء كل سبّة وشتيمة ، تتقطّب حواجب الأم ، وتضيق الأعيّن قائلة و مستحضرة المثل القائل “مايضحك الشوارب إلا الكلام الخارب ” .
تعود الأسنان إلى الداخل ، ويُقفل الفم .
بعد جلبة ، و أصوات مشجعة ومناهضة لما يحدث في خارج أسوار الشبّاك ، نهرتهنّ الأم لتقاطعها أصوات الجمهور المتحمّس لمعركة الحِبل والخناجر فقط …
– حميدا حميدا حميدا حميدا
– نوريكم وحق ربي
– حميدا حميدا حميدا حميدا
– عليا الطلاق ****************
– حميدا حميدا حميدا حميدا
– …….
ثم يتبع ذلك كله صوت ضحك عالي وتصفيقات وتصفيرات في جميع أنحاء الشارع ” تورو تورو ” .
– والله لنا زمان عليه الجو هذا
– وحق ربي يا طروقا ، سامحني ياراجل
– ماعليك ياحميدا
صوت السرانتي ، ومن ثَمّ الإجماع على إفتقاد هذه الأيام يتبعُ ذلك صوت الضحك في المنزل ومن ثمّ عودة للحياة الإفتراضية .
تُخبر كل واحدة فيهنّ ماسمعته لصديقاتها ، تقول واحدة بأنّ ” حميدا انصاب في رجله ” والأخرى تقول بأن ” طروقا إنطّن طريحة ربّاش القبور ” و أمّا الأخرى تكتب منشورًا على الفيس بوك ” يانجّيلي زول الغالي “.
وفي الواقع ماهي إلا مرحلة متأزمّة من الملل الذي أصاب الشباب العاطل عن العمل الجالس في الشوارع ليلًا نهارًا ، لم يُصب أحد ولم يُضرب أحد ، وكل هذا مجرّد تمثيل .
الحنين الى عرايك زمان …
واقع مرير واحلام امر منها ، وبين ذاك وذاك سجال ﻻيغني وﻻ يسمن من ملل وغياب الرغبة في التحريك ساكناً .
إعجابLiked by 1 person
أتفق معك ، شكرا على القراءة 😄
إعجابإعجاب
العفو ننتظر كل جديد
إعجابإعجاب