من الليل للليل ! و كل شخص في هذه البُقعة ينتظر سقوط شيء ما في شارعه .
ولكأنّ الإيمانيّات لا تنزل إلا وقتَ المِحن ؟
واحد , إثنان , ثلاث , أربع … أصبري ! .. خمسـه ! وبصوتٍ يمتلأ بالراحه , و بإبتسامةٍ صفراء , و تنهيدةٍ طويلة , ننتظر .
” اللهمّ إحفظنا عن يميننا و عن شمالنا ومن فوقنا ومن تحتنَا و أعوذُ بعظمتكَ أن يغتال من تحتِنا “
هكذا نمضي بعض ليالينا في عد الصواريخ المُنهمرة في الليلةِ الظلماء , و في تحليل الوضع العسكري , و لعن حظّنَا !
إلى متَى ؟
كيف لهم أن يروا بعضهم ليلًا ؟
لماذا لا يتركونا نرتاحُ قليلًا ؟
كيف وصلنا لهذا الوضع !؟
تقُول :
إنها ليلة سقوط غرناطة .
في الليلة الأخرى إنها ليلة سقوط بغداد .
و من بعدها إنها حتمًا ليالي النوق البيض* .
ثمّ تحدثُنا عن ذكرياتها , وعن ما حدث أيّام الغارة .
هي ليلةُ عابرة , كأخواتها من الليالي السابقات
ليلةٌ من الليالي الحالكاتِ سوادًا
يتوسطها قمرٌ مُنير
الليالي المُمتلئاتِ صراخًا
فزعًا
خوفًا
و رُعبَ
هنيئًا لمن نام قبل أن تُفزعه الأصوات
و ويلٌ للأحياء الأموات
تجرفهم خيالاتهم في منازلهم وراء الرصاصات
و تأخذ بأيديهم من هول المشهدِ بعض الدعاوات .
/
أذكر مشهدًا إخباري عن إمرأة أوكرانيّة نازحة , تبكي وبحُرقة قائلة بأنّ حفيدها ذا الخمس سنوات بدأ يميّز أصوات الأسلحة .
أضحكتني كثيرًا , ثمّ تذكرّت أطفالنا .
يالتعاسة الإنسان , يا لتعاسةِ حظّنا و يا لتعاسةِ أرضنَا , و يالتعاسةِ العالم أجمع ! .
* النوق البيض مسلسل أردني قديم .